الإبداع فعل تحريضي 3 ـ 3

TT

قلت في مقال البارحة ان بعض المجتمعات تخطئ في قراءة الآثار الفنية والفكرية العظيمة، وأحياناً تكتفي هذه المجتمعات بقراءة نصف الرسالة فقط.. لكن هل يعني هذا انه يمكننا القول بفشل بعض العظام من الفنانين والمفكرين في تغيير الحياة من حولهم؟

شخصياً اعتقد ان التاريخ سجل حالات فشل كبيرة وقعت فيها بعض المجتمعات البشرية، لكن الفنانين والمفكرين وجدوا مجتمعات أخرى غير مجتمعاتهم، استطاعت ان تستفيد من آثارهم في تغيير حياتها الى الأفضل.

العرب مثلاً لم يفهموا ابن رشد، ولم يستفيدوا من افكاره الاصلاحية وطروحاته التي تميزت بالتسامح وتقبل مبدأ الاختلاف والاحتكام الى سلطة العقل ومحاربة التلقين وعدم التجمد.. لكن الأوروبيين استفادوا من ابن رشد واستطاعوا ان يقيموا عصر النهضة الكبرى بوحي من أفكاره.

الروس ايضاً لم يفهموا تولستوي، لكن الهندي النحيل المهاتما غاندي فهم الرسالة جيداً وفهمها معه شعبه، فكان الاستقلال الذي تحقق من دون اطلاق رصاصة واحدة، ثم كانت بعد ذلك الديمقراطية التي تعتبر الأعرق في تاريخ الشعوب النامية.

أما دوستويغسكي فقد اثر كثيراً في العلوم الانسانية، وعلى رأسها علم النفس الذي اشترك هو في ابوته مع العالم الشهير سيجموند فرويد. ويبقى بيتهوفن الذي شحذ همم أبطال المقاومة الفرنسية بسيمفونياته وبالذات الثالثة، وحفزهم لمقاوة الاحتلال النازي الألماني، بالرغم من ان بيتهوفن ينتمي الى الشعب الذي كان الفرنسيون يسعون الى طرده من بلادهم.

الابداع له هوية واحدة، هي الانسانية.