المؤسسات المهنية

TT

تطور المجتمعات وحركتها يعود في المقام الأول لسلاسة حركة المؤسسات التي توجدها وفعالية هذه المؤسسات في احداث الاصلاح المطلوب والتغيير المنشود. وعندما تم اطلاق هيئة الصحافيين السعوديين انتظر اصحاب المهن الأخرى أن ينالوا نفس الحظ ونفس الاهتمام.

فالأطباء والمحاسبون والمحامون والمهندسون وغيرهم من المهن والحرف ينتظرون اطلاق هيئاتهم والاعلان عن المبادئ المؤسسة لها ومن ثم البدء في الانتخابات الخاصة بها. هذه الهيئات لن تكون فقط منظمة ومسؤولة عن الشؤون المهنية الخاصة بها، ولكنها في نفس الوقت هي همزة الوصل ما بين ابناء هذه المهنة المعينة وبين سائر المجتمع بكافة مؤسساته وأطيافه.

ولقد لعبت المؤسسات المهنية (أو النقابات كما يطلق عليها) دورا مهما في عدد غير بسيط من المجتمعات الدولية وكان لها اسهام واضح في اثراء الحركة الوطنية وخطط التنمية المتوازنة والمستدامة. والسعودية لديها عدد غير بسيط من «شبه مؤسسات» مدنية معنية ببحث شؤون اقتصادية وسياسية وثقافية، تعقد بصورة دورية في منازل في أيام ثابتة من كل اسبوع. وتسمى باسم اليوم الذي تعقد فيه: سبتية، أحدية، اثنينية، ثلوثية، ربوعية، وخميسية وهكذا. ولهذه الملتقيات دور اجتماعي هائل وان كان غير مقنن وغير منظم ولكن ما من شك في قوة التأثير التي لها.

وبالرغم من أنها كانت دوما ما يطلق عليها لقب «الصوالين الأدبية» وما شابه ذلك الا أن الدور الذي تقوم به هو دور شبيه بما هو منتظر من مؤسسات المجتمع المدني، اللهم الا ان هذه المؤسسات المنادى بها أكثر تنظيما وتعمل في العلن ومرخص لها وكل منها معني بشأن واحد محدد.

في ظل مجتمع مفتوح وفيه انسيابية وحركة مستمرة يكون من الطبيعي ظهور هذه التيارات المختلفة التي تعكس الثراء والتنوع فيه. وقد يكون من المأمول أن تأتي الخطوة المقبلة لاظهار الملتقيات الخاصة والهيئات المهنية الى حيز الوجود بصورة تعزز التعددية الموجودة، وحتى لا تبقى الساحة محتكرة لصالح فئة على حساب الأخرى. وهذا مطلب تقتضيه المصلحة العامة ومنطق وعدالة اتاحة الفرص.

هناك أفكار وأساليب وطرق ووسائل مختلفة لتفعيل الحس الاجتماعي وتطويره، ولكن لا بد أن يسمح لذلك بالظهور على السطح. المجتمع السعودي بحاجة لابراز الثراء الفكري وابراز الجوانب المتسامحة والجوانب الميسرة والجوانب المنفتحة وهذا واقع وليس تضليلا ولا تجميلا. ولقد آن الأوان لأمر جميل كهذا أن يظهر ويعكس واقعا حقيقيا يحق للكل أن يفتخر به.

[email protected]