الإرهاب.. ظاهرة متداخلة

TT

قرأت عددا من الأوراق التي قدمتها الدول المشاركة في المؤتمر الدولي للإرهاب في الرياض ، وهي تحاول أن تفسر الظاهرة ، وتعطي تجربتها الخاصة في مكافحة الإرهاب.

الورقة السعودية ركزت على أهمية التبادل الثقافي والحوار ، وبينت نقطة مهمة وهي أن معظم المتورطين في الإرهاب في المملكة، هم تحت سن الثلاثين ، وأن تعليمهم يتراوح بين الابتدائي والمتوسط والثانوي.

والورقة اليابانية تعتقد أن «التعليم الياباني الذي يركز على السلام والاحترام المتبادل أسهم في منع المتطرفين من توسيع نفوذهم» والورقة الباكستانية تطالب بمزيد من المساعدات الدولية للدول المحتاجة ، من أجل تحسين حياة الناس، والورقة الأفريقية تطالب بالبحث في جذور المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، والورقة السورية تتحدث عن الفقر والاحتلال الأجنبي.

أسوأ تفسير للإرهاب هو رده إلى سبب واحد، أو أسباب محدودة. وكل واحد من هذه الأسباب لا يمكن له أن يحدد الإرهاب منفردا، هناك دول فقيرة ليس فيها إرهاب. هناك دول ديمقراطية تعاني من الإرهاب. هناك دول لم يحتلها الاستعمار في حياتها تعاني من الإرهاب.

ابن لادن والظواهري لم يكونا فقيرين ، ومع ذلك قادا تنظيم «القاعدة»، والفلسطينيون الذين يرزحون تحت احتلال بغيض وظلم ، لم يسجل لهم دور إرهابي في كل الأحداث، رغم مشاركة معظم الجنسيات العربية الأخرى. والكويت التي تعيش تعددية وحرية صحافية ، ويرتفع فيها مستوى المعيشة، ضربها الإرهاب.

الإرهاب هو مزيج من الأسباب ، كما أن هناك إرهابا وهناك بيئة صالحة للإرهاب. أجهزة الأمن مهمتها ضرب الإرهاب أينما وجد. لكن الأمن يضرب أغصان وأوراق الشجرة. والوسائل الكفيلة بقطع جذور الإرهاب هي التعليم والإعلام المتسامح والوعظ الديني المتنور ، وتحسين ظروف حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية. والفكر الإرهابي يستثمر ويستغل ظروف الناس الصعبة ، وخاصة الشباب، وشعورهم بالحرمان وانتشار البطالة لغسل أدمغتهم.

إذا تحسنت ظروف حياة الناس، وانتشرت الحريات، وفي نفس الوقت سمح لأصحاب الفكر المتطرف استغلال المدارس ومنابر المساجد ، لغسل عقول الشباب فلن نعالج مشكلة. وإذا توفر تعليم جيد ولغة دينية متحضرة ، في ظل فساد مالي وإداري وبطالة ، فلن نعالج مشكلة.

الإرهاب ظاهرة متداخلة ، ومعالجتها تتطلب عملاً استثنائياً يعالج كل أسباب الظاهرة ، ويتخلى عن تفسير ظاهرة معقدة كالإرهاب بواسطة التفسير الأحادي لحركة التاريخ.