الزرقاوي يتأفف..!

TT

لم تستوقفني ردود الافعال السياسية، الدولية او العربية، حيال جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري. فجلها كان متوقعا بالنسبة للمواقف اللبنانية بتفاصيلها، او العربية بتعقيداتها المتشعبة، او مواقف فرنسا وواشنطن الواضحة. لكن تصريحا واحدا استوقفني.

لم يكن المجتمع الدولي ومجلس الأمن والرأي العام الدولي، ولا حشود اللبنانيين الذين خرجوا في جنازة مهيبة للراحل رفيق الحريري وأدانوا مقتله بالطريقة الارهابية التي حدثت في قلب بيروت، بل تصريح الاصولي الاردني ابو مصعب الزرقاوي الذي تبرأ من العملية، ليس بعد يوم، او يومين، بل خلال ساعات!

فالزرقاوي، وحسب ما اوضح بيانه في موقع «منبر أهل السنة والجماعة»، يقول «إن التنظيمات الجهادية في بلاد الشام لها أولويات تعمل على اساسها، وليس من اولوياتها تفجير السيارات في مدن البلاد». ونحن نعرف كم هو ابو مصعب الزرقاوي مشغول بتفخيخ السيارات، وقتل الحرس الوطني في العراق. بل ان الرجل ينظم اولوياته، كما اسلف، وسرعة النفي دليل ادانة للحدث! فلم يباركه ولو بالتلميح.

الا ان اللافت للنظر في بيان الزرقاوي، وهذا بيت القصيد، ما اعلنه بوضوح حين قال «ما حدث في بيروت، ثم محاولة الجهة المنفذة إلقاء التهمة على التيارات الجهادية والسلفية في بلاد الشام، هو محض افتراء عظيم».

أما قصة الشريط، الذي خرج على قناة «الجزيرة» القطرية، فكما ورد في التقرير الذي نشرته الصحيفة الثلاثاء الماضي، فان جماعات اصولية ابدت استغرابها من سرعة وصول الشريط للقناة، وعلقوا على ان الشريط كان للتشويش والتضليل على الفاعل الحقيقي للجريمة، واستغربوا كيف ان متبني عملية الاغتيال «ابو عدس» يخرج على الملأ كاشفا وجهه في الشريط!

وهنا، كأني بأبي مصعب الزرقاوي يتأفف من الجريمة التي نفى صلته بها، ومن البيان الذي اذيع على قناة «الجزيرة» القطرية، مثلما تأفف كثيرون من ذلك الشريط، الذي يبرر قتل الحريري، في كوميديا سوداء ظهرت في القناة القطرية، في اللحظات التي لم يجف فيها دم الفقيد بعد!

فكثيرون لاحظوا باستغراب كيف ان «الجزيرة» ما فتئت تعيد وتزيد بث صور الفقيد رفيق الحريري في لقطات مختلفة مع القيادة السعودية، بعد اذاعة نص البيان المنسوب للمدعو «ابو عدس» وهو يجلس وخلفه علم اسود يحمل اسم «جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام» يتبنى فيه عملية اغتيال الحريري، بدعوى انه عميل للسعودية!

[email protected]