ما قل ودل

TT

الأعداد الأربعة الأولى من الأسبوع المنصرم سيطر عليها حدثان ، أولهما الانتخابات البلدية في الرياض ، وثانيهما نتائج الانتخابات العراقية والمشاورات السياسية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

كانت صورة الناخب السعودي الذي يحمل طفله الصغير وهو يلقي بورقة الانتخابات في الصندوق أكثر من رائعة. وكانت تستحق هذه المساحة الكبيرة من الصفحة الأولى في عدد الجمعة 11/2 ، وعلينا أن نتفق أن صورة معبّرة في الصفحة الأولى يمكن أن تكون أفضل من كل الأخبار والعناوين، مثلما العنوان المختصر والمباشر يعطي للصفحة الأولى قوة وجاذبية.

تغطية الصحيفة للانتخابات السعودية والعراقية كانت متميزة بالخبر والصورة ، وبمقارنتها بصحف عربية كبيرة كانت «الشرق الأوسط» أكثر تميزاً باستثناء غياب أي مادة تثقيفية عن آليات تشكيل اللوائح الانتخابية العراقية وتركيبتها وطريقة حساب النتائج وهو ما طالب به المراقب الصحافي قبل ثلاثة أسابيع.

في وسط الأسبوع حدثت جريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري وصدر عدد الثلاثاء بصفحة أولى مميزة وفيها حرفية عالية بالصورة والعنوان المؤثر والمباشر: «ضربة في قلب لبنان». والافتتاحية بعنوانها اللافت: «لا» مختصرة ومعبّرة. وهو ما يؤكد ما نردده دائما بأن خير الكلام الصحافي ما قل ودل ، ولم تنشر «الشرق الأوسط» صورة من وكالات الأنباء حول الحادث وثبت أن صورة معبّرة وذكية من الأرشيف هي أجمل من صورة من موقع الحدث وخاصة إذا كان الناس بأغلبيتهم قد شاهدوا الحدث على فضائيات الدنيا كلها ورأوا السيارات المحترقة.

نلاحظ أن صحفاً عالمية كبرى نشرت نفس الصورة التي وزعتها وكالات الأنباء للسيارة المحترقة في موقع الحدث يوم الثلاثاء 15/2 على صفحتها الأولى وهذا ما فعلته نيويورك تايمز والواشنطن بوست الأميركيتان والفيغارو الفرنسية والجورنال الإيطالية وذا برس النمساوية ودي ستاندارد البلجيكية والاستيدو البرازيلية. كما أن معظم هذه الصحف وضعت عناويـن طويلـة وكان عنوان «الشرق الأوسط» «ضربة في قلب لبنان» له دلالاته الخبرية من جهة والنفسية من جهة. واحتوى العدد على سبعة مقالات لكتّاب الجريدة حول الحدث رغم ضيق الوقت ويبدو أن أحداً في التحرير نبه بعض الكتّاب بأن لديهم وقتاً كافياً لتغيير مقالاتهم التي كانوا قد كتبوها قبل الحدث وهو أمر يسجل للمحرر ويستحق عليه الثناء. وجاءت أعداد الأربعاء والخميس محافظة على التميز الذي حققته الصحيفة في عدد الثلاثاء.

ليست مهمة المراقب الصحافي كيل المديح لأحد ، العكس هو الصحيح. مهمته أحياناً إغضاب المحرر بكثرة الانتقادات لكن الواجب أن يعطى المحرر حقه عندما يتفوق ويبدع.

جريمة اغتيال الحريري دفعت الكثير من الشخصيات والشركات لنشر إعلانات على صفحات كاملة أو على نصف صفحة ، فالفقيد شخصية كبيرة تربطها علاقات كبيرة بالكثيرين. والسؤال الفني الذي يطرح نفسه يتعلق بمدى إمكانية وضع هذه الإعلانات في ملحق تابع للجريدة بدلاً من توزيعها على الصفحات وهو ما يربك العمل، لماذا لا توضع جميعها في صفحات متلاحقة باستثناء تلك التي اشترط أصحابها الصفحة الأخيرة أو الاقتصادية أو غيرها، والأمر يستحق التفكير للمستقبل.

أعداد الأسبوع المنصرم صاحبتها بعض الأخطاء التي يجب ضبطها. فقد نشر نفس الخبر مرتين في عدد واحد (13/2 في ص4) «الجزائر: زعيما الإصلاح ومجتمع السلم يطالبان برفع حالة الطوارئ» ، وأعيد نفس الخبر في ص 7 مع تغيير في العنوان. ونشرت الصحيفة عنوانا لا معني له عن زواج الأمير تشارلز وكاميلا (ص8 بتاريخ 11/2/2005) «الأمير تشارلز وكاميلا يتوجان قصة حب بزواج تأخر 35 عاماً في أبريل» ولا ندري إن كان المقصود أنهما سيتزوجان في أبريل أم أنهما سيكملان علاقة دامت 35 عاماً في أبريل.