دليل وفهرس وتصنيف

TT

السعودية بلد قام، ولا يزال، على إقامة الشريعة الاسلامية كمنهاج حياة ومرجعية عامة. وقيام هذه الدولة كان بناء على تجربة فكرية ورؤية شرعية للدين اعتمد فيها على مرجعية السلف الصالح كأساس بعد كتاب الله وسنة نبيه عليه صلاة الله وسلامه.

وبات هذا الأمر يعرف ويطلق عليه «السلفية». ولكن في أذهان الكثيرين هناك غموض وعدم وضوح لمصطلح السلف الصالح أو السلفية. فمن هم السلف الصالح؟ ومن هم أو هو الذي يحددهم؟ أم أن المسألة انتقائية واختيارية يتم بناء عليها اختيار بعض السلف ويصبح المصطلح أقرب الى سلف صالح وليس السلف الصالح. وما يتم مع الاشخاص ايضا يتم مع السيرة النبوية والحديث الشريف فيتم فيهما التحقيق والانتقاء لمتابعة فئة معينة أو حتى أهداف معينة.

السلفية كلمة ونهج يتعرض لانتقاد شديد ومراجعة شديدة نتاج ظروف معينة ولكن ايضا نتاج جهل وسوء قراءة ولّد تعصبا وتطرفا في حالات كثيرة جدا. السلفية كمصطلح يعتبر من المفردات اللغوية التي استحدثت على اللغة الاسلامية. فلم يعد كافيا أن يكون الانسان مسلما فقط بل بات من الضروري أن يكون سلفيا أو صحويا أو من أهل السنة والجماعة أو شيعيا أو صوفيا أو أشعريا أو تبليغيا أو انصاريا أو اخوانيا. وكلها مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان، إن هي إلا أسماء سميتموها.

كنت في احدى المطارات السعودية واستمعت الى حديث دار بين اثنين كانا يصنفان الناس اعتمادا على شكل الشعر في وجوههم. فكانا يشيران الى شخص ويقولان عنه إنه سلفي لأنه أطلق لحيته بلا تحديد، والآخر صوفي لأنه صاحب لحية محددة، وهذا شيعي لأن لحيته كثيفة، وهذا علماني لأنه بلا لحية، وهذا عشائري لأن شاربه كبير.

لم أصدق ما كنت أسمعه، ولكنه هوس التصنيف الذي ابتلينا به والذي هو الشرارة الاولى للتكفير، لأنك ان لم تكن مثلي فأنت مختلف عني، وبالتالي كان علي أن أكون حذرا منك وبالتالي عدم الاطمئنان لك حتى... أكفرك!!.

اليوم نحن في السعودية بحاجة لمراجعة جادة لمصطلح السلفية لكي يوضع في إطاره الكبير الذي يشمل مختلف مدارس الفكر الاسلامي بشمولية ورحابة وسعة صدر تزيل عنها الغلو والتعصب الذي ابتليت به.

[email protected]