جنادريات

TT

انطلقت فعاليات مهرجان الجنادرية العشرين، وهو المعروف باسمه الرسمي «المهرجان الوطني للتراث والثقافة». وأصبحت «الجنادرية» موعدا ثابتا للمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي، ولكنه أيضا بدأ يشكو من علامات التكرار والترهل في الأفكار والمواد المقدمة. فتكرار المواد وإعادتها بصورة مختلفة، ولكن متشابهة، سنة بعد أخرى، باتا أمرا يسبب العزوف عن الحضور.

المهرجان، ومع أهميته الشديدة، بحاجة لجرعة مكثفة من التجديد. فرسالة الماضي التي بنى عليها المهرجان صيته وإرثه، وصلت وآن الأوان لإحداث نقلة نوعية وعلامة فارقة في الفكر، وذلك بتناول شأن المستقبل وتحدياته واتجاه البلاد وبوصلتها.

ومن الممكن أن يكون ذلك بإظهار التعددية الثقافية والتي قدمت بوضوح خلال حلقات الحوار الوطني التي انعقدت، كما يمكن إظهار دور المرأة السعودية وأن نجعلها تتحدث عن تلك التجربة مباشرة وبنفسها وعن إنجازاتها وعن تطلعاتها وطموحها ومشاركتها بدلا من الاستمرار في التحدث عنها وبالنيابة عنها وباسمها! وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الشباب الواسع، وهو مستقبل السعودية وصناعته لهذا المستقبل والمشاركة في ذلك هو التحدي الأول اليوم. وبقدر التفاخر والتباهي بالماضي الجميل فالمستقبل شأن وهدف يستحق إبرازه والتركيز عليه.

استخدام الفنون في الجنادرية بحاجة لمراجعة جادة لتفعيل رسالة المهرجان بشكل متطور. وهناك تجربة مهمة ومثيرة للمتابعة قدمت في لندن من قبل فرقة مسرحية باسم «خيال». وفرقة خيال هذه تقدم عروضا مسرحية عن الإسلام بنصوص مؤلفة من مسلمين، ويمثلها ويمولها ويخرجها مسلمون. وقدمت فيها قصص إسلامية من مختلف أنحاء العالم، من الصين ونيجيريا وتركيا والعراق، بشكل جمالي متناسق، مظهرة قيم الإسلام وأخلاقه بشكل روائي مبهر. ولقد لقيت أعمال فرقة «خيال» على ساحة المسرح البريطاني الصارم القبول الكبير والتجاوب الممتاز.

والآن يدور الحديث عن تعاون منتظر ما بين الجنادرية وبين الهيئة العليا للسياحة. وإذا ما تم ذلك فسيكون من المنتظر والمتوقع إحداث نقلة نوعية في توجه الجنادرية وأهدافها للمرحلة المقبلة، على أن يكون كل ذلك مرتبط بجدوى اقتصادية تقنن وتراقب أوجه الصرف والعوائد المتوقعة.

والأمل كبير في أن يكون للجانب الثقافي دور أكبر بالسماح بإبراز أعمال الكتاب والمثقفين والخبراء المدعوين للندوات والمحاورات، وذلك بعرض وبيع أعمالهم ومؤلفاتهم في المكتبات السعودية، فوقتها سيكون للجنادرية أثر ثقافي وأشمل يمس الشأن الشعبي العام بدلا من التفكير النخبوي كما هي التهمة الموجهة له في أغلب الأحيان.

الجنادرية فكرة جيدة، ولكنها بحاجة لتطوير حتى يستمر حصاد ما يزرع من فكر.