العلاقات المميزة!

TT

يتواصل التأكيد على أن العلاقات «مميزة» بين دولة عربية واخرى، فإن هذا بالتأكيد يعني ان العلاقات بين هاتين الدولتين متوترة وتعاني من تسوس داخلي وان كل ما يقال عن «التميز» هو لذر الرماد في العيون ، ومثله مثل وصف الأعور بأن عينه «كريمة»، والخروف بأنه «علوش»، والعلوش في اللغة العربية هو الذئب الرمادي اللون كما يقال.

يقول علماء النفس، واصحاب الخبرة ايضا، ان الرجل الذي يؤكد لزوجته على «الطالع والنازل،»، وبمناسبة وبدون مناسبة بأنه يحبها «ويموت في دباديبها» يحاول اخفاء علاقة نسائية اخرى عن زوجته، وانه غير صادق، فالحب الحقيقي ليس دليله الكلام، وانما الايماءات العابرة واللمسات اللطيفة والغزل بدون مبالغة.

كل دول القمع التي يديرها قادة «ملهمون» بعثتهم الى شعوبهم العناية الإلهية، وفقا لإذاعات وتلفزيونات وصحف هذه الدول، تنتفخ دساتيرها الموضوعة على الرفوف والمتروكة للعث والغبار والرطوبة بالمواد التي تؤكد على الحريات العامة، وحقوق الانسان، والديمقراطية «النابعة من صميم امتنا وتراثها العظيم، وغير المتأثرة بالديمقراطية الغربية التي لا تتلاءم مع روحانية الشرق وتراثه وانجازه الحضاري»! عندما يكثر اي متحدث، خلال حديثه، من الأيمان المغلظة ويبالغ في القسم برحمة والده، وبحياة اولاده، وبعينيه «وإلا يعدمهما»، فإن هذا يعني انه يكذب، وانه يلجأ الى كل هذه الأيمان كي يقنع المستمع اليه بأن كلامه صحيح، وانه لا يقول سوى الحقيقة.

وعلى هذا المنوال، فعندما تكثر دولة من الدول من التغني بوحدتها الوطنية، فإن هذا يعني ان اوضاعها سيئة، وان شعبها ممزق، وان الانقسام بين العناصر المكونة لهذا الشعب وصل ذروته، والمبالغة بالتغني بالوحدة الوطنية، بينما الحقيقة مختلفة، تشبه لجوء مسافر الصحراء ليلا الى الحداء بأعلى صوته بهدف الهروب من وجيب قلبه والخوف الذي يمزق احشاءه.

غير مطلوب ان تكون العلاقات بين سوريا ولبنان، وبين الاردن والسلطة الفلسطينية، وبين المملكة العربية السعودية واليمن، وبين ليبيا وتونس مميزة، بل طبيعية وعادية، فالتأكيد المتواصل على «التميز» والمبالغة في الحديث عن هذا التميز يعنى ان هناك مشكلة رغم عدم الاعتراف بهذه المشكلة.

لم نسمع ولو مرة واحدة بأن العلاقات بين المانيا وفرنسا، وبين بريطانيا والولايات المتحدة مميزة، فالأمور تسير سيرا طبيعيا، ولا حاجة للحديث عن التميز كلما «دق الكوز بالجرة»، ولا حاجة ايضا الى ان يبادر الزوج لإبلاغ زوجته في اليوم الف مرة بأنه يحبها.. اللهم الا اذا كانت هناك مسألة يريد اخفاءها، ويسعى لاقناع زوجته بغيرها.