حمام بلقيس وكليوبطره؟!

TT

لم تكن الصحف العالمية بريئة تماما عندما نشرت ان إحدى الشركات الهندية تبيع «بول» الأبقار في زجاجات للعلاج.. وكذلك مخلفاتها على شكل أقراص تشفي من مرض كذا ومرض كذا..

والحقيقة الطبية ان في هذا البول شفاء للأمراض الجلدية والبشرة والشعر ايضا.

ولم اكن اعلم ذلك الا عندما قرأت رحلة السفينة «رع» للرحالة النرويجي تور هايردال. فهذه السفينة الشراعية قد بناها من أوراق البردي بالقرب من اهرام الجيزة. ثم نقلها الى مدينة اصفي المغربية ليعبر بها المحيط الاطلنطي إلى أميركا مؤكدا ان الفراعنة قد سبقوا العالم القديم الى العالم الجديد.. ومن بين البحارة الذين سافروا مع هايردال احد المسلمين الأفارقة.. وقد كنت شاهدا على زواجه من فتاة مصرية من قرية «نزلة السمان» بالقرب من الهرم. وفي هذه الرحلة الشاقة تعرض البحارة الى ملوحة مياه المحيط والى أشعة الشمس فألهبت جلودهم. وكان من بين المرافقين له طبيب روسي. فطلب إليهم ان يتبولوا جميعا بعضهم على بعض!!

وكان ذلك علاجا عاجلا وناجحا..

واذكر انني حكيت هذه الحكاية للأمير بدر بن عبد العزيز. فقال انهم في البادية يفعلون ذلك. وسألت فعرفت انهم في الريف المصري ايضا.

وبحثت عن كلمة «بول» على شبكة الإنترنت فوجدت مئات المقالات. ونقلت هذا الذي وجدت الى احد الأطباء المصريين. فلم يمض اسبوع حتى كانت له محاضرة ممتعة عن فائدة البول في العلاج القديم والحديث.. وعن مكونات البول الإنساني والحيواني..

وافضل البول هو بول الناقة والاتان «الحمارة» اذا كانت حاملا في الشهر الثاني والثالث فتكون في البول دهون وهرمونات تجعل الجلد ناعما ولينا وكذلك الشعر..

ووجدت ان بلقيس ملكة سبأ، وكذلك ملكة مصر كليوبطره كانتا تستحمان في اللبن المخلوط ببول الخيول والحمير مضافا اليه بعض العطور.. وان بلقيس وكذلك كليوبطره كانتا تقضيان وقتا طويلا في هذا الحمام.. بل كانتا تديران الدولة هادئتي الأعصاب سعيدتين وهما في ما يشبه البانيو..

وكان الفراعنة أسبق شعوب الدنيا في استخدام البول علاجا للجروح والقروح. وكانوا يضيفون الى ذلك عسل النحل الذي هو وحده علاج وعندي تجارب عديدة مع عسل النحل.. فقد حدث أكثر من مرة ان سقط الماء المغلي على كفي. وبسرعة غطيت كفي بعسل النحل لدقائق.. وبعدها لم اجد أثرا للالتهاب. وكان الفراعنة يكتحلون به علاجا للرمد والتهاب العين وقد استخدموا عسل النحل أيضا في كل الدهون، بالضبط كما تفعل شركة مستحضرات التجميل في العصر الحديث.

وبعض الوصفات الطبية التي استخدمها الفراعنة تبعث على الضحك لأنها غير مألوفة او من الصعب تصديقها. ولكن من يدري ربما اكتشفناها فعدنا الى اجدادنا لنؤكد للمرة الألف انهم كانوا اسبق واعظم.

وهناك برديات قد نقلها العالم المصري بول غليونجي عن الأمراض الجلدية والمعدية والعظام والمخ قد شخصوها وعالجوها. ومن الغريب انه تشخيص دقيق جدا. وان العلاج عجيب وقد جاء في إحدى البرديات: ان الأم توارت جانبا وعادت في يدها إناء به بول وراحت تضعه على ظهر طفلها وظلت تفعل حتى شفي تماما؟!

أما المخلفات لروث البهائم، فلم اقرأ عن احد انه قد جربها. وان كنت اعرف ان رواد الفضاء الروس قاموا بتجارب تحت الارض.. حياة كاملة تحت الأرض ليجربوا كيف تكون الحياة تحت قشرة سطح القمر. وفي هذه الكهوف تحت الارض عالجوا البول والبراز ليكون صالحا للاستهلاك الآدمي. وهذا ما يحدث ايضا في سفن الفضاء عند الضرورة. وما فعله رواد المحطة المدارية الروسية هو ما نفعله نحن على الأرض عندما نقوم بتدوير مياه الصرف الصحي واستخدامها في ري الحدائق. وقد شاهدت احدى هذه المحطات في مدينة الطائف السعودية. وقد شرب الخبراء من هذه المياه بعد معالجتها هنيئا مريئا. ولم استطع ان افعل مثلهم رغم الشرح العلمي لمراحل تنقية ومعالجة هذا الماء ـ ولكن، ممكن جدا ان يحدث اذا اقتضت الضرورة شربها والاستحمام بها ايضا!

ومن يدري ربما كشفت الأيام عن الوصفات التي جاءت في كتاب «رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه» لعالم الدهر وواحد العصر احمد بن سليمان الشهير بابن كمال باشا باستخدام ارجل العصافير والغربان وريشها ومناقيرها ومخلفاتها الخ..