.. ونطق الشيخ !

TT

«إن هذه الأعمال الإجرامية تهدد المجتمع في أمنه واستقراره وتماسكه ولا يستفيد منها إلا اعداء الأمة وأعداء الدين، ولا يقوم بها إنسان له دين او حتى له عقل».. ألا ينطبق هذا الكلام على ما جرى في الرياض، والمغرب، والعراق، ومصر في التسعينات؟ أوليست الدماء التي أريقت غدرا، من كل ملة، وعلى كل ارض، تستحق هذا الكلام من رجل دين بحجم القرضاوي.

أخيرا نطق الشيخ يوسف القرضاوي بهذا الكلام الذي استهللنا به المقال. قاله تعليقا على التفجير الإرهابي الذي حدث في العاصمة القطرية الدوحة مساء يوم الجمعة الماضي. فهل علينا الانتظار حتى تصيب الأعمال الإرهابية آخر عاصمة عربية، لنضمن ان كل شيخ سوف يقول ما يحفظ ويعصم دماء الناس؟

العراقيون يذبحون من الوريد الى الوريد كل يوم، تفجر الجنائز، ويقتل الشيوخ والنساء والاطفال، ويقتل أساتذة الجامعات، ومثلهم الطلاب، تحت حجج واهية، وعلى أيد قررت أن تكون محكمة العدل السمائية في الارض. هذا يُقتل تحت مسمى مقاومة الاحتلال، وذاك يُقتل تحت شعار إحقاق الحق، والآخر تبقر بطنه لنصرة الدين.

تخيلوا لو أن ما قاله الشيخ القرضاوي عن تفجير قطر، هو لسان أهل العلم، بالإجماع، عن كل قتل، وتفجير؟ تخيلوا لو ان صدمة الدوحة اليوم كانت مشاركة لمن أصابهم نفس الأذى طوال السنتين الماضيتين، لما كان هذا الحال اليوم، ولما وجد المتطرفون متنفسا إعلاميا لهم، يحرضون فيه من يحرضون، ويكفرون به من يكفرون، بحجة الرأي والرأي الآخر. نقول هذا اليوم ليس شماتة، وإنما نردد نفس الاسطوانة من سنين، لماذا نحن لا نستفيد من مآسي غيرنا، أو تجاربه؟ ولماذا ننتظر حتى تطولنا النار التي طالت غيرنا ؟ ولماذا نقول «اوه.. هذا لا ينطبق علينا فنحن ديموقراطيون ولسنا مثل الجيران»!

الإرهاب لا يعرف الوفاء. تهادنه اليوم، يقتلك غدا. والإرهاب جنته الحياد. فما ان تحايد إرهابا يطال قارة اخرى لا تعيش فيها، إلا وتجده عند بابك. لا نقول إن مهمتنا تصوير العالم بشكل مثالي، أو القفز على الحقائق، او طمس اصوات من يعارض، أو من يخالف بالرأي، أيا كانت الاسباب، او الحجج، او المنطق.

لكن واجبنا ان نسمي الارهاب ارهابا، من دون المراوغة بالمطالبة بتعريف. فحتى قتال العدو له اخلاقيات. والسؤال هو هل كل ما نحتاجه اليوم القتال؟ اعتقد اننا في أمس الحاجة لكي نقاتل مصائبنا، واهمها استرخاص دماء البشر! وهنا نقول: متأخرة يا شيخ، لكنها مقبولة.

[email protected]