شركة الرعب

TT

قد تخدع رجلا العمر كله، وقد تنجح في خداع عدة أشخاص لفترات زمنية متفاوتة، لكنك لا تستطيع ان تخدع كل الناس طول الزمان.

ومن لا يريد أن يكون مخدوعا بثقافة الارهاب المفروضة قسرا فعليه بكتاب الصحافية الايطالية لوريتا نابليوني «شركة الرعب» الذي أخذ منها جهد سنوات عشر وخصصته للتحقيق في مصادر تمويل الحركات الارهابية والمسلحة التي كانت تسمى قبل عصر بوش حركات التحرر الوطني .

ومع ان جزءا من هذا الكتاب صدر سابقا تحت اسم الجهاد المعاصر فان ذلك لم يمنع كتاب ( Terror ..inc ) من احتلال قائمة أفضل الكتب مبيعا عند بنجوين الاكثر مصداقية في عالم النشر الغربي .

وتنبع اهمية الكتاب بعد التحقيق الدؤوب المثمر في ملايين الوثائق المالية في اختصاص صاحبته وجنسيتها فهي من مدرسة لندن للاقتصاد ومن بلد المافيا، وهذا ما أتاح لها ان تجري تحقيقات موسعة مع عصابات الاجرام ومع التائبين من الالوية الحمراء الذين يسمونهم بالطلياني ـ بنتيتو ـ ومنهم باتريزيو بيسي الذي زود المؤلفة بعد الحادي عشر من سبتمبر بمعلومات هامة عن معسكرات التدريب في لبنان مع جماعة بادر ماينهوف الالمانية والجيش الاحمر الياباني وآخرين ارادوا اسقاط الامبريالية العالمية فحصل العكس حين مهدوا لها طريق السيادة الشاملة الكاملة بعد ان كانت منقوصة .

ومن هؤلاء ايضا باولو سالفو ودانييل لوفانو الذي كان ينقل الاسلحة بقاربه الى لبنان اثناء الحرب الاهلية ومن هناك يتم توزيعها على الفرقاء الذين عاشوا زمن الرعب الصغير القليل في السبعينات والثمانينات وهو لا يقاس او يضاهى بالرعب الحالي الذي نعيش في ظله، ولعل الاخير هو الذي زودها بمعلومات تقاسم ارباح حشيش بعلبك بين العصابات الدولية وبعض السياسيين العرب الكبار الذين سمتهم بالاسم والصفة وامتنعت شخصيا عن ذكرهم لاعتقادي الجازم بان رئيس التحرير او من ينوب عنه قد يشطبهم نيابة عني تحاشيا للتعقيدات القانونية مع ان احدا من هؤلاء لم يرفع قضية ضد المؤلفة ليبرئ ذمته من تهم خطيرة تمس الشرف والامانة، فالتعاون مع المافيا والعصابات الدولية لا يمكن ان يدخل في اي عصر تحت بند دعم حركات التحرر الوطني .

لقد حصلت المافيا الايطالية على ثلث مسروقات البنك البريطاني للشرق الاوسط في بيروت وتقاسمت ملايينه مع منظمات عربية، والمضحك المبكي ان الذين منعوا التجول في بيروت عدة ايام ليكملوا عملية السطو على البنك لم يستطيعوا فتح خزائنه الا بعد الاستعانة بالمافيا الدولية بالرغم من كل ما عندهم من ديناميت ومتفجرات روعوا بها الآمنين .

وتعتقد لوريتا نابليوني ان معظم الحركات الضالعة في العنف السياسي ومعظم العصابات الدولية كانت تعمل بالتنسيق مع اجهزة الدول الصغرى والكبرى، فالرعب منذ ايام الحرب الباردة صناعة دولية استخدمتها الولايات المتحدة كما استخدمها الاتحاد السوفييتي في تقوية نفوذهما في العالم، وكانت التسميات النضالية او الاتهام بالارهاب تتغير من وقت لآخر حسب قرب الحركة من هذا الطرف او ذاك، واسطع وآخر مثال على ذلك حركة تحرير كوسوفو التي منحها الاميركيون اولا حق المقاومة وشرفها ثم وضعوها في قوائم الارهابيين خلال ستة اشهر فقط.

اما لماذا تتعاون الدول مع الارهاب والعصابات وحركات التغيير بالعنف فلأن سوق اقتصاد الرعب يبلغ حسب احصائيات المؤلفة تريليون ونصف التريليون من الدولارات ومن شأن سحب مبلغ من هذا النوع الخيالي ان يبث الذعر في اسواق المال ويتسبب في كساد الاقتصاد العالمي .

[email protected]