مياه يدوية وإلكترونية

TT

لا أعتقد أن هناك أحدا في السعودية لا يعرف عن حجم مشكلة المياه وفداحتها وعن حملة الترشيد التي اطلقت للتعامل مع الوضع المائي الدقيق ولتعليم الناس وتثقيفهم ورفع درجة الوعي لديهم للتعامل مع هذا المسألة الدقيقة.

ولانجاح هذه الحملة لابد أن يكفل لكافة عناصرها التفعيل، وأحد عناصر هذه الحملة هي الادوات والمعدات المستخدمة في المياه كالصنابير والمضخات واجهزة الطرد (السيفون).

وكانت لوزارة المياه رؤية معينة عن مواصفات ومقاييس تعتمد لمنع تصنيع واستيراد أية اجهزة لا تخضع لتلك المقاييس المقننة للاستهلاك المائي وبالتالي تكون عنصر توفير في نهاية الامر.

وقد جاءت هذه المواصفات بعد دراسة محددة وبعد الاستفادة من تجارب دول أخرى كانت لديها تحديات في مسألة توفير المياه، ومع شديد الاسف يأتي العائق الاول لتنفيذ هذه الجزئية الحيوية من حملة المياه هذه من لدن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، فتقوم بالبطء والتأخير والتلكؤ في اعتماد المواصفات المطلوبة لكي تبلغ فيها كل منافذ الجمارك السعودية حتى يمنع دخول ما هو مخالف لتلك المواصفات والمقاييس وتحمي مياه البلاد.

كل ذلك بحجة تلي الاخرى أن المواصفات جاري دراستها وجاري مراجعتها... بينما الصرف والهدر المائي مستمر، قلة التنسيق وفي حالات «التخبط والتخبيط» ما بين بعض الجهات الرسمية والاخرى غير مبرر ولا يمكن أن يفهم أبدا وخصوصا اذا ما عرف حجم الضرر الذي يسببه هكذا نقاش وهكذا صراع وهكذا تخبط.

المياه وما لدينا منها (وهو محدود جدا) ثروة وطنية وكل الجهد يبذل في حمايتها وهو جهاد وكل جهد يبذل لاضاعتها هو عبث وفوضى مهما كانت الاسباب المروجة والمفسرة والمبررة لذلك.

في عهد ينادى به بالشفافية والمحاسبة والمساءلة وتطبيق النظام تبدو التصرفات من هذا النوع غريبة وشاذة واستمرارها أغرب وأشذ، وفي عهد نرى فيه بعض الدوائر الرسمية تتطور وتمارس وتنضم للحكومة الإلكترونية العصرية تبدو هيئة المواصفات والمقاييس بهذا التصرف أنها تنتمي الى الحكومة اليدوية البدائية وشتان الفرق بين الاثنين.

توفير المياه وترشيد استخدامها ليس فكرا ترفيهيا وثقافة ترف، ولكنها معركة مصير وكل الامل أن يحس الجميع ويمارس التصرفات المسؤولة لحماية ذلك.

[email protected]