أحمد وهند!

TT

تعرضت بعض الأفلام المصرية لقضية الزواج العرفي لكنها دائما تطرح الأمر على أنها قصص حب مستحيلة، يلجأ لها العاشقان الفقيران لحل أزمة الحب المستحيل والزواج العلني المستحيل بزواج عرفي غير علني. أما الصحف فقد ناقشت القضية على أنها قضية شباب جامعة يتسبب بها، الدور الاقتصادي، الشقة المستحيلة، والراتب الضئيل، والوظيفة الشحيحة، لهذا ظل هناك هامش من التبرير للجوء الشباب له.

هذه المرة الإعلام المصري يتصدى لقضية زواج عرفي غير عادية، فالشابان من أسرتين، متوسطة وفوق المتوسطة، ولا يعانيان من مشكلة عدم توفر مسكن، ووظيفة، ولن يقف أحد حائلا لزواجهما، فالزوجة هند ليست راقصة في ملهى بل ابنة لأستاذين جامعيين، وحملت بعد أن وعدها الزوج ـ بحسب قولها ـ أن يعترف بالطفل ثم عاد عن وعده، والزوج أحمد، ليس شابا صنايعيا ـ مع احترامي للصنايعية ـ يقضي ليله مع الحشاشين والمقلعين، بل هو شاب يطرح نفسه في برنامج ديني دعوي يدعو لفضائل الأخلاق، لكن الحياة هي المحك الوحيد ليظهر الناس حقيقتهم.

الفتاة صارحت والديها بعد تقدم حملها واعترفت بأنها أخطأت في تقدير الأمور وتريد إثبات النسب لابنتها، بعد أن انكرها الأب عن طريق الحمض النووي، والشاب خرج في عرض تلفزيوني يقر بالعلاقة، وينكر الزواج لأنه قد أتلف الورقة.

والشيخ يقول، إن الأب يحق له ألا يعترف بابنه حتى لو أثبت الحمض النووي أبوته، طالما أنه لا يريد، من دون أن يفطن فضيلة الشيخ أن زملاءه هم الذين خرجوا على جيوش الطلاب الأشاوس وقالوا لهم إن الزواج العرفي حلال، حتى الشاب أحمد المتدين كما يظهر في برنامجه «يلا شباب»، كان يستند في كل حركاته إلى فتاوى شيوخ مرة حللوا له الإجهاض في الأشهر الأولى، ومرة حللوا له الزواج العرفي ـ في الخليج يحل زواج المسيار، بديلا عن العرفي، وحتى يضبطوا المسألة اجتماعيا، اشترطوا معرفة أهل الزوجة فقط، أما حقوق الزوجة، التي يقوم زواج المسيار أساسا، على التنازل عنها فغير مهم ضبطها ـ وها هم يحللون لأحمد إنكار ابنته حتى لو أثبت نسبها الحمض النووي، لنكتشف في الأخير أن هناك أزمة كبيرة في بعض تصريحات الشيوخ التي تلتفت فقط لمصالح الشباب لتسهيل متعهم، والتخلص منها، من دون أن تفطن لمصالح المجتمع، نساؤه وأطفاله، فماذا تفعل النساء بمواليد ترفض المحاكم الاعتراف بنسبها حتى لو أثبتت التحاليل عكس ذلك.

ربع مليون طفل مصري مجهولي النسب، وسبعة عشر ألف حالة طلب اثبات نسب مرفوعة للمحكمة في مصر، هذا غير الأرقام التي تعتبرها الدول الأخرى عارا يستوجب الستر من دون معالجة صريحة وحاسمة، أنتم تعرفون أين يذهب معظم هؤلاء المواليد، من الأخبار التي تنشرها الصحف، إلى صندوق القمامة طبعا، أو إلى مؤسسات الرعاية، وحياة بائسة.

فمن هو القاتل الفعلي لهؤلاء، من الذي ورط هؤلاء، إنه لغز سهل لكن شرحه يطول!.

[email protected]