عشرينيات يقدن العالم لثلاثة أيام

TT

عندما أعلن قبل حوالي الشهرين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي عن التحاق نساء سعوديات بوزارته، أضاف باسما «ان على الرجال ان يحذروا». اذا كان البعض أخذ تصريحات الأمير من باب المهاذرة أو المزاح، عليه ان يبدأ التفكير في أخذها على محمل الجد.

في منتصف الشهر الجاري استضافت مدينة دبي، متمثلة في جامعة زايد الاماراتية، ووزير التعليم الاماراتي الشيخ نهيان بن مبارك، مؤتمرا طلابيا تحت عنوان «الأدوار القيادية للمرأة في العالم». وضم في جنباته 500 طالبة من 40 دولة عربية واجنبية. تتراوح اعمارهن بين السادسة عشرة والخامسة والعشرين. وشمل الحضور بالطبع قيادات نسائية يستعرضن قصص نجاحهن أمام الجيل الجديد من الشابات روحا وتجربة. اجواء المؤتمر لا يمكن ان تكون هادئة، وعشرينيات يملأن قاعاته صخبا، ومداخلات متسائلة تبحث عن اجابة، وحوارات «بناتية» تشغل جميع اركانه. في الكلمة الرئيسة للدكتورة النرويجية «جرو هارليم برولاند»، وهي احدى المشاركات، تحدثت عن عملها كأصغر رئيسة وزراء سابقة للنرويج في تاريخ بلادها. وقالت في معرض حديثها «على الفتيات ان ينخرطن في اساسيات العمل السياسي واتخاذ القرار». التفتت فتاة الى صديقتها، وقالت ساخرة بلكنتها الخليجية «شسوي عاد ابوي ما يرضى». فضحكت صديقتها ومدت لها يدها لتضربها كفا بكف، وأكملتا متابعة الكلمة.

اذا كان بعض الفتيات يتخذن موقفا ساخرا من بعض العادات والتقاليد، فأخريات يرين فيها عائقا حقيقيا نحو مستقبل افضل. تقول رحاب المعمري، الشابة الاماراتية «بعض العادات والتقاليد مخجلة في حجم رجعيتها، أي تقدم ودور نسوي، والفتيات ما زال ذووهن يزوجونهن حالما يبلغن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة. فتندمج الفتاة في الانجاب ويسرقها العمر ولم تحقق شيئا لمجدها الشخصي». فيما رأت سمر الابيوكي (21 عاما) ان مفتاح التغيير في المنطقة «في يد الخطاب الديني الذي يجب ان يقود الانفتاح، كونه يسيطر على شرائح كبيرة من المحيط الى الخليج، تتأثر به سلبا وايجابا».

وتضيف سمر «لدي ايمان عميق بدور المرأة في المستقبل، ولكن التغيير لن يتم قبل احداث تحول في طريقة التفكير، ووسائل الاعلام يجب ان تلعب دوراً تنويرياً حقيقياً، في المرحلة المقبلة». اذا كان التعليم اليوم بوابة الدخول للعالم الحديث، فلا مناص من التنبيه الى ان نسبة حملة الشهادات من الفتيات مقارنة بالشبان العرب في تناقص ملحوظ، تبرزه احصائيات ظهرت أخيرا من قبل وزارات التعليم في دول عربية عدة. فمثلا في الامارات بلغت نسبة الخريجات ضعف اعداد الخريجين، وفي الكويت تسيطر الفتيات على 75 من المقاعد الجامعية. حتى ان طرفة هناك انتشرت، عندما طالب بعض المحافظين في البرلمان باحياء كلية البنات التي اغلقت لفترة بعد دمج الجنسين في الجامعة. والطرفة تقول ان الفتيات رفعن معروضا يطالبن فيه بأن تكون الكلية الداخلية للشبان كونهم اقلية في الجامعة. وبلغت نسبة الطالبات السعوديات للفتيان ما يقرب 58 في المائة... وغيرها من الأرقام التي توضح تفوقا عدديا لصالحهن.

تقول ريم وهي مشاركة سعودية (24 عاما) انها جاءت «باجتهاد فردي ولم تبعثها أي جامعة». وتضيف «اعتقد ان المؤتمر مناسبة جيدة لنؤمن اكثر بدور الفتيات في المستقبل. كفى اغلاقا للنوافذ.. نريد ان نرى النور». فيما أكدت عائشة المري ان «زمن التعليم للذكور ولى بلا رجعة، والميدان مفتوح ويجب ان يكون الحكم بمعيار الكفاءة وليس بمقياس الجنس».

في خضم الأيام التي انعقد فيها المؤتمر كانت الصحف العربية تتحدث عن تعيين الرئيس الاميركي لسيدة اميركية من اصل مصري في وزارة الخارجية، والصحافة السعودية تتحدث عن منجزات بعض السيدات السعوديات، حتى وصلت احداهن لمنصب مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، وفي الصحف الكويتية حديث ساخن عن المداولات بشأن اعطاء المرأة حقها في الترشح والانتخاب، وفي الصحافة البحرينية الحديث لم ينقطع عن المطالبة بنظام «الكوتا» الذي يمنح المرأة مقاعد ثابتة في البرلمان.

تقول جواهر المناعي، عضو لجنة الشباب في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة في البحرين «رغم فشل 34 مرشحة للوصول لأي مقعد في الانتخابات الأخيرة، إلا اننا مقتنعات بأن السبب حداثة التجربة، فضلا عن سيطرة خطاب ديني متطرف في احايين اخرى على عقول بعض الناخبين. ونحن سوف نعمل من خلال لجاننا الشبابية على دعم حقوق المرأة السياسية». المؤتمر انفض بعد ثلاثة ايام شبابية بامتياز. تقابلت فيها فتيات من 40 دولة مختلفة الأعراق والتقاليد والتجارب والعمق التاريخي. ايام شوهدت فيها فتيات من ايران واميركا والسعودية وعمان وكندا ومصر.. وغيرها، يتناقشن في البحث عن رؤية عالمية لمستقبل وواقع سياسي، ربما يكون مختلفا لو كان محاكا بأصابع انثوية.

* مقال يتناول آراء الشباب حول قضايا الساعة

[email protected]