ما زلنا نتحدث عن رحلة الصحافي الاميركي.. والتر كين.. الذي قطع آلاف الأميال داخل الولايات المتحدة، وقابل فيها مئات من الناس بحثا عن السنوات التي يعتبرها من تحدث اليهم احسن فترات حياتهم.. وقد روينا امس قصة.
وهذه قصة اخرى يرويها عضو سابق بمجلس الشيوخ: لقد بدأت اجمل فترة في حياتي بعد حادث انفجار مصنع مات فيه ابي.. ولم يترك لنا ابي إلا ذكريات طيبة ورعايته.. واضطررت الى ترك المدرسة وانا في الرابعة عشرة من عمري لأبيع الصحف. كنت لا اكاد اكسب ما يكفي نفقات الاسرة. ولم يكن هناك حل آخر.
وتقدم احد اصدقاء ابي بالمعونة.. فقد سعى الرجل حتى هيأ لي مكانا لبيع الصحف قرب المجلس البلدي، حيث ابيع الصحف لرجال الاعمال والشيوخ، ورجال القانون البارزين.
ولم اكن اكتفي ببيع الصحف فقط، بل كنت اقرأها اولا ثم اناقش زبائني البارزين في ما جاء فيها من اخبار ومقالات.. وتوثقت علاقتي بهؤلاء الرجال المشاهير، وساعدوني على شراء كشك لبيع الصحف في قلب سوق المال.
وتوثقت علاقتي بمعظم رجال السياسة والاعمال في المدينة. وقد اكسبتني مناقشاتي وحواراتي مع هؤلاء الرجال معرفة واسعة بالسياسة والاقتصاد.. بل انني اصبحت مستشارا لعدد منهم.. وأصبح الكشك الذي املكه المكان المفضل لهم، ومن خلال علاقاتي المتعددة اختارني عمدة المدينة مستشارا له بعد ان كتبت الصحف عني بأنني اكثر رجال المدينة معرفة بما يجري فيها.. وأكثرهم معرفة باتجاهات الرأي العام.
وسرعان ما رشحت لعضوية مجلس الشيوخ، وانتخبت بعدد وافر من الاصوات.. وأصبحت شهيرا وغنيا.. ولكن اجمل سنوات عمري كانت في كشك الصحف.. ففي ذلك الكشك الصغير اقمت الصداقات الحميمة بيني وبين الآخرين.. ولان الحياة والعمل والنجاح كلها مجموعة علاقات، فقد تعلمت من هذا الكشك سر النجاح. وهو سر بسيط، ان تكون على علاقة طيبة وفاهمة بكل من تعرف.. وهذه المعرفة، وتلك السنوات، وعلاقتي الطيبة بالآخرين، صنعت اجمل سنوات عمري.