ماذا لو هاجموهم بقنبلة ذرية؟

TT

هذا ليس سؤالا افتراضيا، بل سيناريو وارد الحدوث في اوروبا والولايات المتحدة، خاصة منذ توالي أنباء أكدها مختصون عن فقدان حقائب نووية كانت ضمن ترسانة الاتحاد السوفياتي. وهناك أيضا تقارير تتوقع تنفيذ هجوم بأسلحة كيماوية أو بيولوجية على تجمعات كبيرة كالملاعب الرياضية كفيلة بقتل عشرات الآلاف من الناس في دقائق.

كارثة كهذه لن تضيع وقتا في الجدل حول هوية الفاعلين، كما في هجوم نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر. ولن يكون هناك تردد في الاستجابة للظروف الجديدة والخطرة. فقد تجاوزنا كل مقولات الدفاع والتبرير والتبرئة وامتلأ الملف بالعديد من الشواهد من عمليات ومعلومات. ان حدوث كارثة خلال المستقبل القريب متوقع جدا، فتنظيم القاعدة مصر ومستمر في مواصلة حربه بكل وسائل الدمار التي تقع في ايدي اتباعه.

لو حدثت الكارثة، كهذه التي يتنبأ بها خبراء الإرهاب، فإننا سنواجه عالما مختلفا وحربا اشد شراسة. سنرى هجمة مضادة في الحرب على التطرف، لا الإرهاب وحسب، فكراً وتنظيماً. وستسخر لها كل المنظمات الدولية، وستحاسب الحكومات بشكل مباشر، وستلاحق بإصرار المؤسسات التعليمية والدينية والجمعيات المختلفة التي يعتقد أنها تنجب الأجيال الجديدة فكراً.

ستنتقل الحرب ليس ضد الإرهاب بل في اتجاه التطرف، الذي يعتبر حتى هذا اليوم وجهة نظر مسموحاً بها وفكراً يمكن السكوت عليه طالما ان دعاته والمنتمين اليه لا يحملون سكاكين. فالمتطرفون هم اكثر ظهورا في اوروبا، وحتى في داخل اميركا، يستمتعون بحقهم في التجمع والتعبير كما تمنحه لهم النظم الليبرالية التي تكفل الحماية لهم، أيضا.

وليس العالم بحاجة الى مليون قتيل في هجوم ارهابي ليستفز ويصبح اكثر تشددا في الملاحقة والمحاسبة مما هو عليه اليوم، بل تكفيه عملية ارهابية مروعة واحدة تظهر كخطف طائرة غربية وتهديد ركابها ويراها العالم تلفزيونيا بالصوت والصورة لأيام.

المعركة لم تنته لأن الطرفين في حالة قتال مستمرة. فالقاعدة اثبتت قدرتها على التوالد، والعمل الميداني الواسع، والتدمير رغم إقصائها من الحكم في افغانستان والتضييق عليها في كل مكان. والولايات المتحدة بدورها اثبتت انها مستعدة لإنفاق اكثر من ثلاثمائة مليار، والتضحية بآلاف من جنودها، وملاحقة الحكومات والتضييق على المنتسبين لخصومها وجر العالم كله الى احد معسكرين. وطالما ان الطرفين في حالة اقتتال مستمرة حتى هذه اللحظة فعلينا ان نتوقع الأسوأ لا الأفضل، هكذا تحسم المعارك عادة. وخلال السنوات الثلاث الماضية كان التصعيد هو السمة البارزة بما ينذر بالتصادم الأخير، او معركة اكبر. القاعدة لم تنكمش بل توسعت، مستفيدة من نشر أدبياتها وهو ما ساهم في التجنيد المباشر والانتساب اليها عن بعد من قبل ملتزمين جدد بأهدافها، وحققت ايضا توسعا جغرافيا. وواشنطن، هي الأخرى، مضت الى اقصى حد في الملاحقة والتضييق. فكيف سيكون العالم عليه بعد أول قنبلة إرهابية؟

[email protected]