كشف النقاب عن جدلية المرأة والإرهاب!

TT

سخر مني الكثير عندما طالبت بضرورة وضع آلية وإجراءات معينة لمكافحة الفكر الخفي والإرهابي والتشدد لدى نموذج من المرأة في مجتمعنا، هذا النموذج الذي هو الوجه الآخر للفكر الخفي والإرهابي الذي لا يظهر ويُشاهد.

وفي حقيقة الأمر ان البعض لا يرغب في الحديث عن هذا الوجه الآخر عن علاقة المرأة والإرهاب. وكأن الحديث والكتابة عن المرأة والارهاب عورةً لا يجب ان تظهر أمامنا وأمام الآخرين بل تبقى بخمارها، بل وربما من العيب اجتماعياً ان نعترف علناً بأن المرأة، في بعض الاحيان، تحمل فكر ارهابيا ا خفيا، ولعل المتابع والمراقب بشكل كبير لجانب من مدارس وكليات البنات وما يحدث فيها سيعرف تماماً أنه توجد هناك أوكار فكرية تصدر الفكر والتكفير والفتاوى بناءً على الأهواء والمصادر غير الموثوق بها علميا.

ربما لا تحمل هذه المرأة التي نتحدث عنها حزاماً ناسفاً تطوق بها جسدها، او تركب سيارة مفخخه بأطنان المتفجرات لتهاجم موقعاً او تنسف أشخاصا، لكنها قد تحمل منهجاً وإيماناً وأفكارا يمكن من خلالها ان توجه وتربي عليها اجيالاً... فإما ان تكون صالحة وسطية تحمل الخير لدينها ووطنها وأمتها... وإما أن تمنح مجتمعها أجيالاً متشددة تأكل الحرث والنسل بأفكارها وأفعالها.

وما يحدث خلف أسوار قسم من مدارس وكليات البنات هو واقع مرير لا يمكن الهرب منه، ما لم تكن هناك ضوابط وتعليمات وحملات توعية مهمتها الوسطية وتوضيح «المنهج الخفي» لدى هذا القطاع من المعلمات والطالبات في المدارس والكليات.

ففي الأمس القريب، وبعد تفجر الإرهاب في بلدنا، حدثت في بعض مدارس البنات، ولا أعمم لأن التعميم تضليل وبهتان، مناقشات حادة... وحوارات حول صور الإرهابيين التي عُرضت عبر وسائل الإعلام، وكان العديد من المعلمات يرين ان وجه أحد الإرهابيين يشع نوراً وانه توفي وهو مبتسم ابتسامة مشرقة!

بل وأكد بعضهن أنهن سمعن بأن سيدة اتصلت بأحد الشيوخ وذكرت له بأنها شاهدت (فلانا)، وهو من الخوارج الإرهابيين، وهو يخبرها بأنه في الجنة فسكت الشيخ، ولا أدري لماذا لزم الصمت؟ وهكذا... كل معلمة تروي ما سمعته... وما سمعت انه شوهد... مع أنني اجزم بأن هذه المشاهد والأقوال ما هي الا نسج عقول فارغة، لم تُعلب الا بالتطرف والغلو، او من خلال استراق السمع من شياطين الإنس المغلوب على عقولهم وابصارهم او عن طريق النقل عن شواذ الفكر من خفافيش الإنترنت. والسؤال الذي يُطرح: هل هؤلاء المعلمات يتحدثن بهذه المشاعر أمام طالباتهن عندما يسألن عن الأحداث والجرائم، وهذا هو الاحتمال الأكبر، وإذا لم يكن فعلى الأقل من الطبيعي ان تتحدث بها هذه المربية المعلمة أمام أبنائها كباراً كانوا أم صغاراً. وهنا تكون الازدواجية المطلقة في نفوس الطالبات او الأبناء، فوسائل الإعلام تكرس جهودها لنبذ ومحاربة الإرهاب، وهو عين البينة، وبعض الأمهات والمعلمات تصور وتحلل وتحكم... بخلاف ذلك!

وفي صورة أخرى من داخل أسوار كليات البنات وتحديداً (المصليات) التي أصبحت دور عبادة «دائمة» لكثير من الطالبات حيث لا تحضر أي محاضرة في تخصصها وتبقى في المصلى لتستقي «العلم الشرعي» كما تقول، ممن تراها شيخة او عالمة المصلى، وليس من المهم ان تكون الفتاوى والأحكام وغيرها من مصادر صحيحة موثوق بها، او من مصادر مشبوهة.

وهنا نرى اشياء غريبة، فنشاهد معلمة الكيمياء او «شيخة الكيمياء» وهي تتحدث عن الجهاد وفضله، أما «فضيلة شيخة» الرياضيات فقد أصدرت فتوى بعدم جواز صلاة المرأة بالعباءة على الكتف وليس على الرأس، لأن في ذلك تشبها بالرجال ثم تعقب هذه الفتوى بتحريم مخالفة الزي الرسمي بالنسبة لطالبات الكليات، بعد ذلك تصدر فتوى ببطلان صلاة من صلى ولم يقرأ في الركعة الثانية بعد الفاتحة تكملة السورة التي قُرئت في الركعة الأولى ان كانت من طوال او قصار السور، بل ومن العجب ان (دار افتاء المصلى)! أصدرت فتوى بتحريم النظر الى عضو هيئة التدريس من خلال الشبكة التلفزيونية... وكثيرة في الحقيقة تلك الفتاوى التي لن تجد لها أصلا في كتاب الله أو سنة رسوله، والسؤال الذي من الضروري أن يُطرح: ما مصادر هذه الفتاوى وأي كتب الفقه تحمل قواعد فقهية أو أحكاما كالتي تصدر من بعض مصليات البنات داخل مقرات التعليم والتربية هذه؟ وهل فتاوى الجهاد وحقوق المعاهدين والذميين من اهل الكتاب تؤكد من الكتب الصحيحة الموثوقة ام انها كبقية الفتاوى تستقى من كتب مشبوهة وبها من المغالطات والضعف ما لله به عليم.

ان الدعوة والتوجيه للدين ولأحكامه تحتاج الى تخصص وإلمام شامل وثقافة ووعي وتقبل للرأي والرأي الآخر... لا على اجتهادات شخصية منغلقة لا ترغب الجديد وترفض الانفتاح المتزن.

كما ان الدعوة تحتاج داعية صادقة أمام من تدعو، وقبلها أمام ربها...

* صحافية سعودية