درس الـ30 عاما

TT

تمر الذكرى الثلاثون للحرب الاهلية اللبنانية غدا ولبنان في مفترق طرق خطر بعد زلزال اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بما دفع كثيرين الى التساؤل عما اذا كانت الأزمة الجديدة وما حدث من تفجيرات ارهابية اخيرا يمكن ان تعيد الأيام السوداء ام ان لبنان اصبح بعد ما سال من دماء غزيرة وما حدث من خراب محصنا ضد العودة الى الاقتتال الداخلي؟

والمفارقة انه بعد 30 عاما ما زال السؤال حول ما إن كان ما حدث حرباً لبنانية ـ لبنانية او انها حرب الآخرين حائرا لا يجد اجابة موحدة يتفق عليها الجميع رغم ان هناك قناعة عامة بانها كانت خليطا من هذا وذاك، فالاخرون وجدوا في عام 1975 ارضا خصبة لخوض حروبهم على ارض لبنان مع الانقسام الطائفي الذي حدث، لكن اللبنانيين انفسهم كانوا وقود المعركة وحملة السلاح وامراء الحرب فيها، وتداخل معهم الوجود الفلسطيني الذي اشعل شرارة الازمة ثم بعد ذلك الاجتياح الاسرائيلي، الى دخول القوات السورية ثم اتفاق الطائف في عام 1989 الذي وضع نهاية للحرب.

وقد اختفى من على المسرح عدد من رموز هذه الحرب التي افرزت الكثير من الظواهر الكريهة وحصدت اكثر من 100 الف قتيل ودمرت البلد، بينما لا يزال البعض منهم موجودا على المسرح السياسي، ولا تزال الكثير من الوقائع مختلفا عليها، ولم تجر عملية محاسبة حقيقية لمن ارتكبوا جرائم، ولا يعرف احد من الذي جاء بالقناصة الذين كانوا ابشع ظواهر هذه الحرب حيث كانوا يستهدفون أي شيء يتحرك بدون رحمة او تمييز، او من ابتدعوا مسألة القتل على الهوية. وكانت التركيبة السياسية والاجتماعية وقتها اضعف من ان تتحمل لجنة تحقيق او محاسبة كما تفعل بعض الدول بعد ان تهدأ العاصفة، لكن هذا لا يعني ان المسؤولين عن هذه الحرب لن يدخلوا محكمة التاريخ في يوم من الايام.

وعودة الى السؤال الاول فان هناك شبه اتفاق بين المتابعين على ان لبنان شفى من حالة الانقسام والاستقطاب التي كانت قائمة قبل 1975، وبالتالي فان هذه الايام ولّت الى غير رجعة مهما كان حجم الأزمة او الزالزال الذي احدث اغتيال الحريري، فهناك جيل جديد من اللبنانيين تختلف طريقة تفكيره عن الجيل الذي خاض حرب السبعينات والثمانينات ويريد مستقبلا مختلفا، والعالم نفسه تغير ولا يوجد من لديه استعداد لتمويل حرب او تقديم السلاح الى أي طرف، والأهم ان القوى السياسية المعارضة حرصت منذ بداية الازمة الحالية على ان تكون معارضتها سلمية، وحتى قوى لها تحفظاتها على مطالب المعارضة مثل حزب الله تبدو حريصة على المحافظة على الخطوط الحمراء، وتظهر مرونة تجاه مطالب التحول الى حزب سياسي والتخلي عن السلاح.

الخلاصة ان لبنان يخوض الأزمة الحالية وهو اقوى بكثير عما كان عليه في السبعينات من حيث النسيج الاجتماعي، والرؤية السياسية، وبالتالي فهو في وضع افضل للتقدم الى الامام من خلال العملية الانتخابية المقبلة.