تداركوا أبو مازن قبل أن تخسروه

TT

من سوء حظ محمود عباس، الرئيس الفلسطيني الذي لا يزال جديدا، ثقة العالم به وحسن أخلاقه. فهناك إجماع دولي على قيادته حال دون التنافس عليه، ولو تنازعت القوى عليه لربما كان محظوظا وتنافست إما على دعمه او تغيير موقفه. لكن الإجماع الإقليمي والدولي لم يعط الرجل شيئا بعد، فلا يزال يرأس سلطة فقيرة، وترك وحده يصارع «قروش» الساحة الفلسطينية. ومشكلته الثانية استقامته، فهو ليس مثل كثير من الساسة الذين يعيشون من وراء الوعود الكاذبة، فيتوعد اسرائيل، ويمني مواطنيه بالانتصارات، ويشتكي من الظلم والمؤامرات.

ابو مازن يصارع محاولا ادارة هذه الأرض المحروقة بنفسه، وارثا اجهزة دمرتها اسرائيل، ومواجها مراكز قوى داخل السلطة لن تسلم له بيسر، يلعلع رصاصها ضده بمناسبة وبدونها. ويصارع منافسين اقوياء يريدون هزيمته شعبيا، وسلب سلطاته شرعيا، كما تفعل حماس والجهاد اللتان تستعدان للانتخابات المقبلة.

وابو مازن، كما صور سابقا وظهر لاحقا، ليس بالقائد الدموي، ولن يفتعل معارك تصفيات ضد خصومه، كما لن يخطط ثورة في داخل حكومته. وفي نفس الوقت لن يستطيع ان يجمع الناس حوله حاكما فقيرا، ولن يفرض سلطته حاكما ضعيفا امام كثرة الخصوم والخصومات. نحن في الخارج نريده ان يقود المعركة التفاوضية المقبلة وكل ما في جعبته وعود باقامة دولة فلسطينية.

هنا نلوم الحكومات العربية أولا لأن لها مصلحة كبيرة في تأمين الاستقرار داخل الاراضي المحتلة وانجاح رأس السلطة. والسؤال كيف سينجح بدون ان يثبت انه قادر على تقديم شيء لمواطنيه، يخفف من معاناتهم الخدماتية؟ حان الوقت لتعزيز امكانيات السلطة التي تعاني من تململ اقتصادي وعصيان على نفوذها. وهي لن تنجو بدون دعم خارجي كريم ومؤازرة مستمرة. ولنتذكر ان حل القضية الفلسطينية مردوده المادي اكثر من أن يقدر بمليارات الدولارات، وهذا يعني ان على الجميع ان يشاركوا في دفع فاتورته سياسيا وماليا. ولا يعقل ان نطالب اسرائيل بمساعدة الفلسطينيين، بالسماح لهم بالعمل في اسواقها، ونحن نمتنع عن تقديم المساعدة لهم. ولا يعقل، أيضا، ان نحث المجتمع الدولي على دعم الفلسطينيين وننسى واجبات المجتمع العربي الأقرب له والاكثر مسؤولية.

الذي اريد ان اصل اليه ان ابو مازن لن ينجح لأنه رجل محترم ورئيس عادل، فهذه ربما تؤهله ليكون إمام مسجد لا رئيسا على شعب قلق، متعب، قضاياه المعلقة لا تحصى ومنافسوه كثر. المعادلة واضحة، فالمفاوضات لن تنجح ان دخلها الرئيس الفلسطيني ضعيفا داخليا، وان فشل ستعاني كل المنطقة من كوارث النزاع.

ادعموه ليكون رئيسا ناجحا عند شعبه، وقبل ان تتآكل سلطته من كثرة الانشقاقات والتحديات. من مصلحتنا جميعا ان نسانده فلا يقف وحيدا وعاريا وفقيرا.

[email protected]