العجب العجاب!

TT

التطرف له أشكال كثيرة ومختلفة وليس بالضرورة أن تسيل الدماء حتى يسمى أي من الامور حين حدوثه تطرفا. وهناك واقعة ادارية حدثت أخيرا أقل وأهذب ما يمكن أن يطلق عليها هو تطرف.

في احدى مدارس البنات بمدينة جدة، فكرت مجموعة من الطالبات في القيام باصدار مجلة داخلية تبرز النشاطات وتبين الانجازات. ولأن مجموعة هؤلاء الطالبات لديهن الحماس، ولكنهن يفتقدن المنهج العلمي في المجال الإعلامي، فكان بالتالي لابد لهن من الاطلاع على تجربة واقعية في المجال الصحافي.

وبناء على ذلك، قامت مديرة المدرسة باعداد برنامج لزيارة صحيفة «عرب نيوز» والالتقاء بالمحررات وادارة الصحيفة، وذلك للتعرف على اساليب العمل الصحافي السليم وطرقه. وتم ترتيب الرحلة المدرسية، وذلك بعد أخذ موافقة صريحة من أولياء أمور الطالبات وتم التوجه لمقر الصحيفة. الطالبات رافقتهن اربع معلمات وقضين بعض الساعات في اقسام الجريدة والاطلاع عن كثب على مسار الأمور والاستفسار عن ماهية الاساليب المهنية، ثم التُقطت صور تذكارية مع رئيس تحرير الصحيفة، وهو يشرح ويعرف لهن العمل الصحافي. وتم نشر الصورة وخبر الزيارة في صحيفة «عرب نيوز».

بعدها انطلقت حملة منظمة ومسبقة الترتيب من قبل البعض، يسبون ويلعنون ويجرحون الطالبات بأسلوب لا دين فيه ولا كرامة ولا أخلاق. لكن الكارثة الكبرى كانت وصول مشرفة وزارة التربية والتعليم الى المدرسة التي ارسلت الطالبات، وذلك لـ«التحقيق» ومن ثم «المحاسبة» على ما «اقترفته المدرسة» من عمل و«ما سلكته الطالبات من مسلك»، علما بان الزيارة لم تحدث فيها أي خلوة بين أي طالبة ورجل.

فهل يا ترى سيسمح بإثارة الرعب والتعرض لسمعة بنات البلاد لأن ما اقترفنه هو الرغبة في التعلم والتطوير لصالح البلاد والمصلحة العامة. الدين من كل هذا براء وكفانا خطفا لديننا بأفكار منفرة.

لقد تم ايقاف مشروع المجلة المدرسية وأحبطت الطالبات واصيبت ادارة المدرسة بالصدمة واولياء الأمور بالذعر.

هل يعقل أن تعي وتعرف ادارة التعليم مصلحة البنات وتخاف عليهن أكثر من أولياء الامور؟ هل سيعاد «اختراع» و«تأليف» ما هو حلال، وما هو حرام؟ بالسماح لوضع كهذا بأن يستمر، الاجابة ستكون نعم!

لأدبيات هذه الصفحة واحتراما للقارئ والقارئة، سأكتفي بهذا القدر في وصف ما حدث لأن في فمي المحيط الهندي وليس ماء فقط.

[email protected]