ديمقراطية «ستار أكاديمي»

TT

في أحد الكاريكاتيرات العربية، ظهر ناخب عربي يضع في صندوق الانتخابات ورقة تحمل كلمة (لا أوافق). لكن الصندوق يقوم آليا بقطع (لا) فتسقط في قلب الصندوق (أوافق). ليس هذا فقط سر حصول بعض الرؤساء في الانتخابات على نسبة 99.99% باستثناء صدام حسين الذي لم يقبل بأقل من 100%، فهناك قصة أخرى تقول إن أحد الناخبين وضع كلمة (لا أوافق) لكن الشيطان اخذ يوسوس له، ويصور له المتاعب التي يمكن أن تحدث له لو عرفت المخابرات بفعلته النكراء، وما أن وصل الى البيت حتى حدث زوجته بما فعل، فلامته وأنّبته، وقالت (إنت ناوي تخرب بيتك وبيت أولادك وتقطع رزقك)!، ثم نصحته بأن يذهب ويطلب من القائمين على الصندوق أن يسمحوا له بتصحيح خطئه، ركض المواطن النادم وشرح للموظفين فعلته، وأبدى ندمه وصدق توبته وعودته إلى الحق الفضيل، لكن الموظفين هناك أخبروه بأن يعود لبيته آمنا مطمئنا، فقد كانوا يعرفون دخيلته الطيبة وغيروا الكلمة إلى (نعم) قبل أن يضعوها في الصندوق!.

أحد الطلبة أخبرني أنه كان يصوت على سؤال: هل أنت راض عن مشرفك؟ عبر البريد الإلكتروني الذي يصله من الجامعة، بالخانة نعم، ثم جاء مرة وأختار خانة (لا) لكنه كلما ضغط (لا) تذهب بقدرة قادر إلى (نعم).

بسبب شيوع هذه القصص يعزف العرب عن المشاركة في الانتخابات لأنهم يثقون بعمل موظفي الصندوق الذي ينوبون عنهم ويعرفون نواياهم الطيبة، حتى جاءتنا الفضائيات فأفسدتنا، وأصبحت تحرض المشاهد على التصويت: «صوت فأنت الحكم!». «أنت المسؤول!». «رشح مطربك المفضل». «هل تؤيد؟». «هل تعتقد؟». ولأن التصويت فعل ديمقراطي غريزي يوقظه التحريض ويجيشه التكرار، فان المشاهد من دون أن يفطن إلى أن صوته مدفوع الثمن، صار يشارك في كل تصويت، و«لحست» ظاهرة التصويت عقله، فصار مهوسا بالتصويت وخاصة أن النتائج تشبه نتائج الانتخابات الأميركية، وليست النتائج العربية، فلا أحد يفوز بنسبة 99.99% بل بنسب معقولة منطقية، لهذا، شبت نيران التصويت في ثياب وعقول بعض مواطنينا ومواطناتنا السعوديين، كبارا وصغارا، وتحمسوا للتصويت في برنامج «ستار أكاديمي» حتى فوزوا ـ رغم كل الظروف المعاندة ـ مرشحهم السعودي هشام.

مرة قرأت إحدى الرسائل على قناة فضائية، تسأل: يا جماعة من هو هشام علشان أبغى أصوت!!. وعلى رأي المثل «مصائب قوم عند قوم فوائد» يمكن القول إن الجيل الشاب المقبل سيتمتع بلياقة ديمقراطية، وتجربة تصويت عالية، يمكن استثمارها في تجاربنا الديمقراطية المقبلة، أقول قولي هذا وعيني على تجربة انتخابات المجالس البلدية التي يمكن أن تستفيد من تجربة «ستار أكاديمي»، مستخدمة طرقا تثبت للمواطن أن صوته له قيمة، ولكن ليست قيمة عربية، تشبه القصة في أول المقال.

[email protected]