جريمة «السويدي»

TT

السويدي حي في مدينة الرياض اشتهر بأنه اكثر مسرح للمواجهات مع الارهابيين، وهو نفس الحي الذي قتل فيه مصور بريطاني واصيب في نفس المواجهة مراسل الـ«بي بي سي» فرانك غاردنر باصابات خطيرة أصابته بشلل دائم.

وتلك الحادثة المحزنة كانت منعطفا مهما في تفكير العديد من الإعلاميين الغربيين لأنها بالفعل الحادثة الوحيدة التي واجه فيها صحفي الارهابيين على حقيقتهم. الذي اعنيه ان عددا من الصحفيين الغربيين الذين كانوا يتابعون الأحداث، عن بعد او عن قرب داخل السعودية نفسها، كانوا يريدون ان ينظروا الى المشكلة بحياد مفرط. المعضلة الرئيسية ان رؤيتهم كانت مصبوغة برأي معارضين محسوبين على الارهابيين تقدم صورة كاذبة لا علاقة لها بواقعهم. كانت معظم «الحكاية» تقدم على فنجان شاي في احد الفنادق الفخمة وقبالة اناس يتحدثون بلباقة لا يبدو عليهم الارهاب. «الجناح السياسي والفكري» لهذه الجماعات هو المصدر الرئيسي للمعلومة عن المتطرفين الذين شاع حضورهم في محطات التلفزيون والصحف ايضا.

غاردنر كان واحدا من الصحفيين، سعى لمعرفة ما يدور على ارض الواقع. والحقيقة هي ما قالها، انه لم يكن صحفيا مغامرا ولم يظن ان هناك خطرا من تتبع الحدث في حي السويدي. تحدث لمحطته اول البارحة عن مشاعره مستغربا كيف رأى الكراهية في أعين هؤلاء، وصفهم بالجبن حيث طاردوا زميله الأعزل يركض وهم مسلحون في سيارتهم. كانت جريمة «السويدي» مفصلا مهما في كشف الحقيقة.

لم يعد بعد تلك الجريمة مجال للصحافة الغربية التكهن بطبيعة الارهابيين ولا البحث عن مبررات لأفعالهم. فنحن نواجه اناسا كل ما يحملونه كره عظيم ضد معظم الناس ولأتفه الاسباب. هؤلاء لم تكن لهم مطالب سياسية او اقتصادية كما صورت كثيرا في الماضي، هؤلاء مهووسون بالموت وينشدون الجنة على دماء الآخرين. وكل من يحاول ان يصورهم معارضة ذات مطالب واقعية لا يدري الحقيقة المؤلمة. خلال السنوات القليلة التي رافقت جرائم قتل المدنيين كانت الاطراف المحسوبة على التنظيمات الارهابية تحاول تزوير الأسباب، تصورهم على انهم يقاتلون من اجل التمثيل السياسي، والمشاركة الانتخابية، والاعتراض على الموقف الدولي، والتعبير عن الاغلبية. وكان صعبا تكذيب الأكاذيب لأن من رأى ليس كمن سمع. والمؤلم ان الحقيقة كلفت سايمون كامبرز حياته وفرانك غاردنر نصف جسمه، الذي صار مشلولا.

[email protected]