يا عايض «لا تحزن!»

TT

الدكتور عايض القرني داعية إسلامي سعودي، شارك برأي فقهي في فيلم سينمائي سعودي قصير قامت بإخراجه المخرجة السعودية هيفاء المنصور، وفيه يقول بجواز كشف المرأة لوجهها. إلا أنه تعرض لسيل جارف من الاحتجاجات والاعتراضات على رأيه هذا، وهو رأي بالمناسبة يتفق عليه المجموع الأعظم والغالبية الساحقة من العالم الإسلامي بكافة مذاهبه وأطيافه.

ولكن الشيء اللافت الذي ذكره الدكتور عايض في رسالته لـ«الشرق الأوسط»، والتي كان من خلالها يوضح موقفه الجديد وأسباب تراجعه عن رأيه هو مقولته بتبرير تبنيه للرأي هذا في الفيلم لأن «هذا الكلام موجه للغرب، فالمناسبة والمقام اقتضيا ما سبق».

هل معنى هذا أن هناك خطابين: واحد للغرب متسامح وعقلاني ومبشر ولطيف، والعكس تماما للداخل؟ هناك العديد من الآراء والممارسات الفقهية التي تبيح عمل المرأة واختلاطها بالرجال (فالخلوة هي فقط التي تعتبر محرمة وإلا كيف يمكن تفسير جهاد الصحابيات في الغزوات وطبابتهن وتجارتهن وممارستهن للحسبة والإفتاء أيضا) وتبيح كشف الوجه. ويفتي العديد من كبار مشايخ العالم الإسلامي بكل ذلك!

إذا كانت لدى الدكتور عايض القرني قناعة حقيقية بذلك فليستمر على رأيه وله في الشيخ عبد المحسن العبيكان القدوة والمثل حين وقف صامدا في بعض آرائه بالرغم من «تسونامي» التجريح والقذف الذي لقيه، ولكنه عامل ربه وضميره والصالح العام.

الدولة تسعى وعبر تصريح وزير الخارجية لتوظيف دبلوماسيات سعوديات، فهل سنسمع البعض يقول إنه سيسمح لهن بالعمل في الخارج ولن يسمح لهن بذلك في الداخل؟

«الإفتاء المحلي الخاص» الذي بات لدينا حصريا لم يعد مفهوما. وأتحدث هنا تحديدا على صعيد العالم الإسلامي، والإصرار على التمسك برأي لا توافق عليه أغلبية الأمة الإسلامية فيه إساءة لنا.

القضية هي باختصار تخويف أي مبادرة تنويرية تسطع ولو للحظات. وكون الدكتور عايض القرني تراجع عن رأيه الذي فيه اختلاف فقهي واضح منذ قديم الزمان، لا يعني أنه الرأي الوحيد، وما استشهد به من آراء يوجد غيرها أيضا لتدعيم وجهة النظر الأخرى.

أما القول الصادر عن الدكتور القرني أنه سيحارب السفور الذي يدعو إليه المستغربون، فهذا حقا أمر عجيب، فهل آراء كبار علماء المسلمين المؤيدة لهذا الأمر آراء لأقوام مستغربة؟

الوسطية والعقلانية والتبسيط وتطبيق أوامر الله ورسوله أسهل بكثير مما يروج له. العبرة في موقف عايض القرني تبين لنا «موقع الرأي الميسر والبسيط» على الساحة السعودية ومن يقف معه ومن يقف ضده وفي ذلك فائدة للجميع.

[email protected]