الاستنكار

TT

كان الشيخ ابراهيم الدعيج عضوا في آخر وفد كويتي ذهب الى العراق برئاسة الشيخ سعد العبد الله لإجراء محادثات حول ترسيم الحدود بين البلدين. وكتبت عشية الزيارة مقالا ذكرت فيه ان الوفد الهائل العدد لن يعود من بغداد إلا ومعه خرائط موقعة. لكنه مدد الزيارة يومين وعاد خالي الوفاض. ماذا حدث على وجه الضبط؟ طرحت السؤال على الدكتور ابراهيم الدعيج. الجواب:

* وصلنا الى بغداد يسبقنا التفاؤل بحل قضية قديمة تنخر في العلاقة بين البلدين. وكان صدام حسين قد ارسل اشارات ايجابية في كل الاتجاهات. وقال في مواقف الكويت كلاما وفائيا لم يتوقعه أحد. وعندما وصلنا رأينا المستقبلين في انتظارنا. وجرت العادة ان لا يبحث المضيف او الضيف في الشؤون المطروحة قبل خروج المصورين. لكن الشيخ سعد فوجئ بصدام حسين يعاتبه أمام كل الاضواء والآلات قائلا: «كيف تشيرون الى الاحتلال السوري في لبنان بالوجود السوري؟».

ورد الشيخ سعد بأن سورية ولبنان دولتان شقيقتان. ثم راح يغير الحديث ويثني على تقدم العراق. وفي المساء عقد اجتماع عام للوفد، قبل ان يعقد صدام والشيخ سعد لقاءهما الخاص. ومن جديد عاد صدام حسين الى القول: نحن في العراق نستنكر التدخل العسكري في البلدان الشقيقة ولا نقبل به، استثناء او قاعدة. انظروا ماذا فعلت قطر في جزيرة «حوار». هذا أمر مستنكر. ودخول سورية العسكري الى لبنان. نحن ضد كل ذلك. فالجوار له قدسية خاصة في العلاقة بين الدول.

بعد ذلك بقليل دخل الشيخ سعد وصدام الى قاعة الاجتماعات الخاصة. ولم ندر ماذا دار من احاديث في الغرفة المغلقة. ومن الصعب على أحد ان يقرأ شيئا في ملامح الشيخ سعد، لأنه رجل ذو اعصاب شديدة. وكان مقررا ان نغادر في اليوم التالي. لكن الشيخ سعد فوجئ في اليوم التالي بصدام يقول له بنبرة عالية: لا بد ان تمددوا زيارتكم يومين آخرين. وأذهلنا الأمر. لكن الشيخ سعد حافظ على اعصابه مرة اخرى. وقال لنا، سوف اتجول في بغداد وأزور الفندق القديم الذي كان ينزل فيه والدي (الشيخ عبد الله السالم) وأخي خالد. ومن يريد مرافقتي اهلا وسهلا. ومن له برنامج آخر في المدينة الله معه.

وجلسنا نتساءل لماذا هذا التمديد؟ هل هو فأل حسن أم شؤم؟ وماذا تغير؟ ففي اليوم الأول قال صدام حسين كلاما في أمير الدولة لا يقول إلا الشقيق الأصغر في الأخ الأكبر. ثم كلامه عن التدخل في شؤون الدول المجاورة، الذي كان يريد ان يطمئننا به. وبعد يومين غادرنا العراق. ثم بدأ صدام حسين خطابه التهديدي. وكان اللقاء الشهير في جدة برعاية الملك فهد بن عبد العزيز. وجاء عزت الدوري ومعه رسالة مكتوبة. وعندما دخل الاجتماع حاول الشيخ سعد السؤال عن العراق وعن صدام لكن الدوري سحب الرسالة من جيبه وبدأ يقرأ الشروط. وحاول الشيخ سعد ان يلتقيه في اليوم التالي فقال له العراقيون انه مريض. فأصر على ان يعوده ولما دخل عليه وجده صامتا يصر على التذرع بالمرض. وبعد أيام كان صدام حسين يغزو الكويت، دون ان نفهم لماذا عاتبنا على وصف الوجود السوري بالاحتلال ولا لماذا استنكر دخول القوات القطرية الى جزيرة «حوار».