أخطاء وقعت وسوف تقع!

TT

وقعت هنا أخطاء كثيرة، معظمها مطبعية والباقي نحوية، ولست مسؤولاً عن ذلك، فأنا في مصر أكتب مقالاً يومياً في الأهرام وأضبط حركة المقال تماماً، ومع ذلك تقع الأخطاء من كل نوع، وعلى الرغم من أنني أعطي المقال للسكرتير فيكتبه على الآلة، وأصححه، ويذهب به إلى المطبعة، وأتناوله بالتصحيح أيضاً، فاذا ظهر المقال كانت أخطاء جديدة قد قفزت من السطور، كيف؟ لا أعرف.

وطبيعي أن تقع أخطاء في هذا المقال لأنني لا أعرف مساره ومصيره ولا كيف ينتقل من هنا إلى المطبعة.

ولم ألاحظ أن القراء يذكرون ذلك، فإما لأنهم قد اعتادوا عليها، وإما لأنهم لم ينتبهوا إلى ذلك، وإما لأنني غريب في هذه الدار، والمثل الشعبي يقول: الغريب أعمى ولو كان بصيراً، وأرجو أن يكون هذا هو رأيهم، وأشكرهم على ذلك.

وكنت أقرأ عن الكيانات الصغيرة التي هي مثل (امارة موناكو)، وهذه الكيانات مثل: جمهورية سان مارينو ومساحتها ستون كيلومتراً في داخل إيطاليا، وامارة لينجنشين على الحدود بين سويسرا وألمانيا ومساحتها اربعمائة وخمسون كيلومتراً، وجمهورية أندورا بين حدود فرنسا وأسبانيا ومساحتها ستون كيلومتراً، قرأت طويلاً وكثيراً، واندهشت جداً أنني وجدت في موسوعة (انكارتا) عن العادات الغريبة لأهل لينجتشين: انهم يأكلون بالشوكة والسكين، وانهم يضعون الشوكة في اليد اليسرى والسكين في اليد اليمنى، وانهم إذا اكلوا يجب ألا يتركوا طعاماً فهذا هو الذوق، وإذا طلبوا مزيداً من الطعام فتلك تحية لصاحبة البيت أو لمن أعدت الطعام.

وعدت أقرأ العادات السابقة، ولم أجد فيها شيئاً غريباً، فكلنا نمسك الشوكة باليسرى والسكين باليمنى، وعدت أقرأ هذه العبارة، وليس لها معنى إلا إذا كان سكان هذه الإمارة قد كانوا يمسكون الشوكة باليمنى والسكين باليسرى، ثم عدلوا عن ذلك، ولكني لم أجد مثل هذه العبارة التي تدل على تغيير في السلوك، اذن ما المعنى؟ لم أجد اجابة عن هذا السؤال، اذن هي غلطة، إذا، إذا كانت الموسوعة تريد أن تقول أنهم يضعون الشوكة في اليمنى والسكين في اليسرى ـ وهو عكس ما هو مطبوع!

اذن هي غلطة ووقعت في موسوعة محترمة!

اما أنهم اذا أكلوا فلا يتركون شيئاً، وانما يمسحون الأطباق مسحاً، فهذا ممكن ومعقول.. (وبالمناسبة فإنني أتذكر نكتة، فنحن نعلم أن عددا من الأحاديث النبوية موضوعة ومنحولة على الرسول عليه الصلاة والسلام، فيقال ان رجلاً أعمى دعاه صديق أعمى إلى الطعام، فكان كلما ذهب صاحب البيت يحضر طبقاً من الأرز وبعده بطبق من اللحم يكون الضيف قد أكل طبق الارز فإذا أتى صاحب البيت بطبق شوربة وجد الضيف قد أكل اللحم، فصاح فيه قائلاً: يافلان قال صلى الله عليه وسلم إذا أكلتم فأفضلوا ـ أي اتركوا شيئاً!

فرد عليه الضيف قائلاً: بل قال ان الاناء يستغفر للاعقه!

فصرخت صاحبة البيت ولولوت تقول: يا مصيبتي مات أولادي جوعاً بين حديثين شريفين!

(وليسا شريفين لأنهما ليسا حديثين!)

وجاء في الموسوعة أيضاً أن من يأكل في مطعم وبقي منه طعام، فإنه لا يحمله معه ـ كما كان الاوروبيون يفعلون في سنوات الحرب وما بعدها!

وأنا أعتذر عن الاخطاء التي وقعت لا لأنه ليس ضرورياً، ولكن لأنها أخطاء هينة ـ والقارئ أوسع قلباً، وانما ألفت النظر إلى أن ذلك سوف يتكرر، وإذا حدث فإنني أبادر فاعتذر عن نفسي وعن آخرين لا أعرفهم!