السلام والحرية

TT

العلم لم يترك شاردة ولا واردة إلا وخاض فيها، واعمل فيها مباضعه، وتجاربه، واستنتاجاته، وهو الصديق الصدوق الذي لا يكذب على الإنسان حتى لو فشل في بعض محاولاته، فسوف يعاود المحاولات بإلحاح لا يتوقف، لأنه لا توجد في قاموسه كلمة (اليأس) إطلاقاً.. وما كان مجرد خيال وأساطير قبل عدة قرون أصبح اليوم حقيقة عادية تبدو لنا وكأنها (بديهية)، مع أن ذلك التأكيد البديهي غير صحيح لان معارك الإنسان في ميدان العلم كانت معارك طاحنة وباهظة التكاليف.

وها هم الأطباء في بريطانيا اخذوا الخلايا الجذعية من نخاع عظام أحد الأشخاص وحقنوها في نخاع تسعة أشخاص آخرين، وكانت النتيجة أن الخلايا الجذعية مرت بعملية تحول (بيولوجية) أشبه بعملية التفاعل الكيميائي.. وهذا سوف يفتح المجال واسعا في المستقبل لزراعة أو لاستنبات الأعضاء بأمان.

والى وقت قريب كان الاعتقاد سائدا انه ليس هناك سرعة أسرع من الضوء، الذي يقطع المسافة من الشمس إلى الأرض في اقل من تسع دقائق فقط، غير أنهم في مؤسسة N.A.C في برنستون استطاعوا أن يجعلوا ومضة من أشعة الليزر تقطع مسافة 2.5 بوصة بسرعة خارقة أسرع من الضوء بمعدل 300 ضعف.. ومن يدري ماذا يخبئ المستقبل من سرعة اكبر، ومن وصول الإنسان يوما إلى أماكن ابعد وابعد؟!..

ولا شك أن للعلم والصناعة كعبيهما العاليين في الارتقاء بالإنسان وإعطائه المزيد من الراحة، غير أنهما في نفس الوقت ساهما رغما عنهما في دمار بعض جوانب الإنسانية، وإرهاب البشر وتطوير وسائل الموت.. فصحيح أن الطائرات تنقل الإنسان من مكان إلى مكان بشكل أسرع، غير أن الطائرة أيضاً تقذف بالقنابل، وبمقابل السيارة كانت الدبابة، وبمقابل سفينة (الكروز) الفارهة كانت الغواصة النووية، وبمقابل النظارات الطبية كانت هناك النواضير التي تخترق سدف الظلام لتقتل الخصوم.. ووصل الأمر بتطور العلم الصناعي، أنهم بصدد إنتاج (روبوتات) هي عبارة عن جنود صناعيين يتحركون ويفكرون ويدمرون بناء على خطط تحركهم من بعيد.. غير أنني اعتقد أن هذا الاختراع يهون عن اختراع تحدثت عنه وسائل الإعلام أخيراً، وهو أن أميركا بصدد تجريب قنبلة إذا أطلقت على جنود الخصوم في الجبهة المقابلة، تحول الجنود وضباطهم جميعا إلى (شواذ جنسيا)، وهذه بالطبع من وجهة نظري كارثة الكوارث، خصوصا إذا استعملت ضد بعض الجيوش التي لا تمانع من التحاق (الشواذ) بها، ومن ضمنها على ما اعتقد الجيش الأميركي وبعض الجيوش الأوروبية، فالشواذ في هذه الحالة يرحبون بإطلاق الأعداء عليهم هذه القنابل، بل أنهم سيطلبون المزيد منها وهم (يتراقصون).. خصوصا ان تلك القنابل لا تقتل، وإنما هي فقط تجعل الجنود وضباطهم ينسون (لا شعوريا) أنهم في ميدان قتال.

[email protected]