«بأي ذنب قتلت»

TT

العنف والأذى له أكثر من شكل ويأتي بأكثر من اسلوب وطريقة، ونتائجه في النهاية واضحة ولا غبار عليها ويتفق عليها الجميع.

والعنف الاسري ظاهرة عالمية مهينة تتمثل في الاعتداء بالأذى النفسي والجسدي على الزوجة أو حتى على الاطفال. ولم يعد سرا أو خافيا حجم وعدد الحالات التي تستقبلها العيادات والمستشفيات أو حتى بعض الجمعيات الخيرية أيضا، حالات فيها اصابات مختلفة توضح بشاعة الاعتداء وجسامته. ولم يقف الأمر عند هذا الحد البشع ولكن تنتشر الآن بعض الروايات عن الجثث التي تغسل قبل دفنها وتكون عليها علامات سوداء وزرقاء نتاج الضرب المبرح فيؤمر ويؤذن بالسماح بدفنها سريعا من دون تبيان السبب ومعرفة المتسبب حتى يتسنى عقابه على ما اقترف من جريمة.

والآن مع وجود جهة سعودية محلية معنية بموضوع حقوق الانسان، من المفيد والمطلوب أن يحصل تنسيق جاد وفعال بينها وبين وزارة الصحة بشأن أذون الدفن التي تصدر، واذا ما كانت هناك حالات معينة فيها شبهة الجريمة الخاصة بالاعتداء الجسدي.

اسلوب التعامل مع حالات العنف الاسري والاعتداءات الجسدية الوحشية يعكس مدى «آدمية» المجتمعات أو وحشيتها، وهي عامل قياس ليس فقط على كفاءة حفظ الكرامة الانسانية ولكنها في المقام الأول عامل على مدى الالتزام الديني للناس، وكيف لا وقد جاءت الاديان لكي يعبد الخلق ربهم ولكي يكون التعامل على أساس العدل والمساواة والاخلاق، وهذا ما أكده سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حين قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق».

العنف اشكالية كبرى وهي سقوط أخلاقي لا ريب والاستمرار في التحدث عن ذلك وكأنه شأن «غريب» ونادر يجعل تطبيق العقوبات الرادعة على المخالفين ايضا مستغربا. ولكن من دونما الاقدام على منهجية معلنة «تحرم» هكذا أفعال وتجرم فاعلها صراحة وعلانية ستظل الجرائم مستمرة وسيظل المجتمع يقبل ذلك ويتعايش معه وبالتالي يتحمل وزر ما يحدث وما سوف يحدث.

«البيوت أسرار» هكذا تقول الحكمة المعروفة، ومن اسرارها المخجلة هو حجم «الارهاب الاسري» الذي يحدث داخل تلك الجدران الاربعة. واذا كانت الصرخات لا تسمع فليس معنى ذلك أن الجرم لا يحدث. وقفة ضمير وقرار اخلاقي مطلوب وعلى عجالة للحد من ذلك حتى لا نسأل يوما ما عن ذلك. كالعذر الذي هو أقبح من ذنب.

[email protected]