نتيجة المباراة: كوريا 6: الرئيس بوش 0

TT

في ما يلي اختبار، أو بالأحرى سؤالان، حول الشؤون الخارجية:

السؤال الأول: كم عدد السلاح النووي الذي انتجته كوريا الشمالية خلال فترة رئاسة بيل كلينتون السابقة التي امتدت ثماني سنوات؟

السؤال الثاني: وكم هو عدده حتى الآن خلال فترة الاربع سنوات السابقة التي قضاها الرئيس جورج بوش في البيت الابيض؟

الإجابة على السؤال الاول تتلخص في ان كوريا الشمالية لم تنتج أي سلاح نووي خلال فترة رئاسة بيل كلينتون. أما الإجابة على السؤال الثاني، فالأمر غير واضح تماما، ولكن دعونا نفترض انها انتجت ستة اسلحة نووية. ومن المحتمل ان يزداد هذا العدد خلال الشهور المقبلة، ذلك ان كوريا الشمالية اغلقت مفاعلها النووي في يوغنبيون وقالت الجهات المسؤولة انها تعتزم نزع أنابيب الوقود منه، وهذا سيوفر لها كميات كافية من البلوتونيوم لإنتاج اثنين او ثلاثة اسلحة نووية اخرى.

يمكن القول إذاً ان اكبر فشل في مجال السياسة الخارجية لإدارة بوش يتعلق بكوريا الشمالية. فسياسات هذا الإدارة ازاء بيونغ يانغ اسفرت عن نتائج عكسية وأدت الى انتاج كوريا الشمالية مزيدا من الاسلحة النووية، فضلا عن ان بيونغ يانغ لجأت الى استعداء حلفائنا وقللت مكانة وهيبة الولايات المتحدة في آسيا.

النتيجة النهائية يمكن تلخيصها في مخاطر اندلاع حرب كورية اخرى ربما تؤدي الى تحول دول آسيوية اخرى، مثل اليابان، الى قوى نووية، بالإضافة الى خطر اكبر يتمثل في احتمال حصول ارهابيين على بلوتونيوم او يورانيوم. ولكن اذا تبنت ادارة بوش السياسيات التي دعا اليها وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول، وهي السياسات التي قبلها بوش الى حد كبير بعد سنوات، ربما امكن تفادي هذا المأزق.

يقول تشارلس غريتشارد، السفير والمبعوث الخاص لكوريا الشمالية خلال ولاية بوش الاولى، في وصف المسؤولين في دوائر اتخاذ القرار بإدارة بوش في ما يتعلق بمسألة كوريا الشمالية ، انهم «افسدوا كل شيء». فيما يقول خبير آخر في مجال التعامل مع بيونغ يانغ ان «النهج الذي اتبعته إدارة بوش ازاء كوريا الشمالية «افضى الى كل هذه المشاكل».

اذا حاولنا استعراض خلفية سريعة لما حدث، فإن كوريا الشمالية انتجت سلاحا او سلاحين نووين عام 1989 خلال إدارة الرئيس بوش الأب، لكنها جمدت برنامج البلوتونيوم بمقتضى اتفاق ابرمته بيونغ يانغ مع ادارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1994 . التزمت كوريا الشمالية بتجميد انتاج البلوتونيوم، لكنها شرعت سرا عام 1999 في العمل في نشاط نووي آخر مستخدمة اليورانيوم. وهذا بالطبع اقل إثارة للقلق مقارنة ببرنامج البلوتونيوم (يبدو ان كوريا الشمالية لن تتمكن من انتاج أي سلاح نووي يعتمد على اليورانيوم قبل مرور سنوات)، كما كان بوسع واشنطن التوصل الى حل لهذه المشكلة من خلال التفاوض مثلما حدث في أزمات سابقة.

بدلا عن ذلك، رفض بوش التفاوض بين الجانبين مما قاد الى وضع سيئ ، فبرنامج كوريا الشمالية النووي المتعلق باليورانيوم لا يزال موجودا، كما تستخدم هي البلوتونيوم لانتاج مواد تدخل في انتاج الاسلحة.

تتحدث ادارة بوش حاليا حول مطالبة مجلس الأمن بعزل محدود على كوريا الشمالية، إلا ان هذه الخيار ربما لا يحقق نجاحا لأن كوريا الجنوبية والصين لن تشارك في فرضه.

من المرجح ان تواصل كوريا الشمالية انتاج المزيد من البلوتونيوم واليورانيوم وربما تجرى تجربة نووية سرية. وفي هذه الحالة ربما ينظر صقور ادارة بوش مجددا في توجيه ضربة عسكرية الى بيونغ يانغ، رغم ان هذا الخيار يهدد باندلاع حرب كورية اخرى.

يمكن القول ان كوريا الشمالية تعتبر الآن الاكثر دولة مكروهة في العالم حاليا. فقد انكشفت عمليات تزويرها للدولارات الاميركية وتهريب المخدرات، كما تعامل سلطات السجون فيها النزلاء بصورة وحشية، فضلا عن ان حوالي مليوني كوري شمالي ماتوا جوعا خلال فترة أواخر عقد التسعينات ، في الوقت الذي انفق فيه كيم 2.6 مليون دولار في شراء الساعات السويسرية.

ويبقى القول ان المفارقة تكمن في ان سياسات ادارة بوش ازاء كوريا الشمالية اصبحت أكثر معقولية على نحو تدريجي بمرور الزمن. اذ ربما يعتزم بانتهاء فترة ولايته الثانية الدخول في مفاوضات جادة مع بيونغ يانغ، ولكن حتى ذلك الحين ربما تكون كوريا الشمالية قد نجحت في انتاج المزيد من الاسلحة النووية لتزداد مخاطر حدوث انفجار ارهابي نووي في المحطة الرئيسية لقطارات الأنفاق في نيويورك وتراجع نفوذنا في القارة الآسيوية.

* خدمة «نيويورك تايمز»