أعطني قطعة من كبدك!

TT

12 ألف طبيب جاءوا من القارات، واجتمعوا في قصر المؤتمرات في باريس، وشاركت في بعض الجلسات واللقاءات وسألت، قالوا لي أنهم جاءوا يبحثون في الوقاية من مرض الكبد. فأكثر الناس مصاب بالفيروس (س)، ولكنهم لا يعرفون إلا في سن متأخرة، فمن صفات هذا الفيروس أن يبقى ساكنا خامدا عشرة أو عشرين عاما، وفجأة ينشط ويصيب الكبد بالتليف ويعطل وظائفه والنهاية معروفة.

سألت العالم المصري د. جمال شيحا قال لي: إن هناك خلافا بين تقديرات الأطباء الممارسين ووزارة الصحة، الأطباء يقولون، عدد المصابين في مصر سبعة ملايين، والوزارة تقول خمسة، حتى لو كانوا خمسة، هذا عدد كبير، إن عدد المصابين في أميركا لا يزيد عن نصف مليون، وفي بريطانيا لا يزيد عن ربع مليون.

أما انتقال هذا المرض إلى الآخرين، فالسبب هو الجهل أو هو الإهمال وذلك بأن يستخدم الطبيب أو أي إنسان آخر (حقنة) غير معقمة تماما، والتعقيم صعب، ولذلك اخترعوا الحقن البلاستيك، لكي نستخدمها مرة واحدة ونلقي بها، ومن الممكن أن تنتقل العدوى من أمواس الحلاقة ومن فرشاة الأسنان ومن فرشاة الشعر، أي عن طريق الدم الذي قد يترك أثرا في هذه الأدوات!

وقد أسعدني أن أجد أبناء بلدي ـ المنصورة ـ يقيمون معهدا ومستشفى لمرضى الكبد على مساحة هائلة من الأرض وبمبالغ كبيرة. هذه المبالغ هي تبرعات من المواطنين، وسوف يكون المعهد للدراسات، ولا بد أن نهتم بالدراسة والبحث أكثر، يكفينا

عار أن الجامعات المصرية كلها بجلالة قدرها، لم تظهر على صفحة أحسن 500 جامعة في الدنيا، لماذا؟ لأن مقياس الجامعة الممتازة هو ما تقدمه من أبحاث وما تضيفه من معلومات جديدة للعلاج.

والكبد هو من أعجب أعضاء الجسم الإنساني، فالكبد يقوم بأكثر من 500 وظيفة، وكل خلايا الكبد متشابهة على خلاف أعضاء الجسم وغدده، فخلاياه واحدة، ولكن وظائفها مختلفة، والكبد قادر على أن يعالج نفسه، وأن يشفي نفسه من السموم. فهو ليس غربالا أو فلترا لكل سموم الجسم، وإنما هو قادر على تصحيح مسار الصحة والمرض وقادر على أن يجدد نفسه، فإذا نحن أزلنا وزرعنا قطعة من كبد، فإن هذه القطعة تحول نفسها إلى كبد سليم كامل الأوصاف والوظائف، كيف؟ هذه حكمة الله ولطفه بعباده.

والشاعر القديم عندما قال:

ولي كبد حراء فمن يعيرني كبد بغير ذات قروح

لم يكن يعرف أنه يمكن زرع كبد، وانه يمكن أن يعير إنسان آخر قطعة من كبده ليصبح كبدا سليما بعد شهور. ولم يكن يعرف وإنما هي نبوءة!

وفي الدنيا الأوروبية لا يأكلون الكبد، بل ينزعونه من جسم الحيوان ويتركونه للشرقيين يأكلونه بمنتهى السعادة، سألت أحد الأطباء: إذا كان الكبد هذا ضارا ومصب السموم في الجسم، فلماذا نترك الناس في بلادنا يأكلونه بينما الأوروبيون يرفضون ذلك؟

وكان من رأيه أنه يدعو إلى أكل الكبد، لأن الكبد قادر على تحويل السموم إلى بلسم، هذه قدرته إلا إذا كان الكبد مريضا!

وفي الأمثال الشعبية ان فلانا أكل قلب أسد وكبد ذئب، أي أنه في غاية القوة والجسارة وان هذا المعنى له ما يبرره، ولكن العلماء على خلاف بينهم.

وأحمد الله أنني لا أكلت ـ ولن آكل ـ قلبا ولا كبدا ولا جناحا ولا صدرا ولا بطنا لأي حيوان يدب على أربع أو يطير في الهواء!