تكذيب علاقة الإسلاميين بالغربيين

TT

بين الردود التي وصلتني حول موضوع استئناف واشنطن ما يكذب رواية ان واشنطن أعادت فتح الحوار مع الجماعات الأصولية لأنها، في نظرهم، يستحيل ان تتفق مع الغرب الكافر. ولا عجب في ان يصاب المرسلون بالفزع من فكرة التواصل بين الضدين لأنها خارج المعقول، فالساحة مليئة بالرفض، والوعيد، والتجنيد المضاد. ولأن هذه الحركات تؤم الناس على طرح مبدئي أصله الرفض، فسيصعب عليها الاعتراف بعلاقة جيدة علانية وسيصعب عليها المحافظة على العلاقة تحت الطاولة.

خلال الفترات الماضية بنيت اتصالات حقيقية بين نفس الجماعات وعواصم الطرد الديني، بين حسن البنا والانجليز، وسيد قطب والأميركيين، وآية الله الخميني وفرنسا، وبن لادن والأميركيين في افغانستان، والبقية معروفة مثل حسن الترابي وواشنطن وخالد مشعل مع واشنطن، وهكذا.

اذن الدليل ليس مهما في تأكيد العلاقة، خاصة بالنسبة لجماعة تستطيع ان تبرر افعالها تحت مسوغات مختلفة، تحلل ما تحرمه على الآخرين، ويكفي ان ننظر الى الجماعات المتصلة بها في اوروبا، والتي اختلقت مبررات كثيرة للتعاون والتعامل من حمل الجنسية الى استقبال الاموال. فهي تتلقى المساعدات من الحكومات الغربية، التي تدفع لها ثمن الدفاع القضائي، وتشارك في ثمن بناء المساجد والمراكز الاسلامية، وتنفق على بناء المدارس الاسلامية ومواصلات الطلاب. بل وفي بعضها تدفع الحكومة ثمن المدرسين الخصوصيين للطلاب من اصل مسلم، ليدرسوا في يومي عطلة الاسبوع اللغة العربية ودرسا دينيا عن الاسلام. هذا الانسجام بين من يكفر الحكومة بيد ويتسلم مساعداتها بيد أخرى، يتكرر سياسيا على مستوى اعلى من ذلك. وربما لا يحق لأحدنا ان يعترض على هذه العلاقة المشبوهة لأنها، في نظرهم، محكومة بضوابط دينية وسياسية.

بدوري لا أعترض على علاقة بين الاسلاميين والغربيين، طالما انها تؤدي في النهاية للصالح العام، لكن الاشكال الوحيد الذي أعاني منه هو شكي الدائم في قدرة الطرفين معا على التعاون والاتفاق الصادق. فالعبث السياسي، وشراء الوقت، والتعاون المرحلي، في حقيقته يؤدي الى نتيجة أسوأ. العلاقة المزورة تؤدي الى معركة أكبر مستقبلا، كما رأينا في علاقة بن لادن مع الأميركيين في افغانستان، التي تحولت الى واحدة من اكبر المواجهات في التاريخ المعاصر. ورغم احتمال ممارسة الكذب بين الطرفين، الا انني لا أعتقد باستحالة وجود علاقة شرعية بين حركات اسلامية معتدلة وانظمة غربية معتدلة أيضا. وفي تعاون الطرفين خير للجميع ونهاية للأزمة الخطيرة التي نعيشها. مرة ثانية أقول متشككا هل ترون حولكم من يمثل هذا الطرح على الجانبين؟

[email protected]