سذاجة الرئيس بوتين

TT

من كثرة ما غابت روسيا عن منطقة الشرق الاوسط فانها يبدو نسيت معادلة الشرق الاوسط، ولذلك قام الرئيس بوتين بارتكاب الكبائر في زيارته للمنطقة وذلك بدعوته الى مؤتمر دولي للسلام في موسكو يشارك فيه الفلسطينيون والاسرائيليون!

الرئيس بوتين بسذاجة عالية، وبجهل بأبجديات المنطقة، يريد ان يخرج على النص الشرق اوسطي المكتوب والذي اصبح نصا مقدسا، وهو انه لا احد يجرؤ باستثناء واشنطن من دخول عش الدبابير الاسرائيلي، ولذلك صدر بيان اسرائيلي وآخر اميركي بعد ساعات من دعوة بوتين الى المؤتمر الدولي يرفضان هذه الدعوة، وكان البيان الاسرائيلي اكثر وضوحا حين قال انه لا احد له الحق في الدعوة الى مباحثات سلام سوى اميركا.

روسيا تعتقد ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو جزء من السياسة الخارجية الروسية وهذا صحيح، لكنها تنسى ان هذا الصراع جزء من السياسة الداخلية في الولايات المتحدة. القضية الاسرائيلية في واشنطن هي مثل قضية البطالة والتضخم تطرح على اجندات كل المرشحين للرئاسة والكونغرس ولا يتجرأ احد على ان يقول كلاما يغضب اسرائيل، ولقد قلنا اكثر من مرة ان اميركا دولة عظمى قوية عندما تتعلق المسألة بالصين والشرق الاوسط واميركا اللاتينية وروسيا، ولكنها تتحول الى دولة صغيرة مغلوب على امرها حين تتعلق المسألة باسرائيل. ولقد قلنا اكثر من مرة ان الضحية المباشرة للحركة الصهيونية هما الشعبان الفلسطيني والاميركي، وانه اذا اراد احد ان يفعل شيئا للفلسطينيين فان عليه ان يعرف هذه المعادلة ويتصرف على اساسها بدلا من ان يشتم اميركا.

العرب الذين عجزوا عن تحرير الفلسطينيين لن يستطيعوا تحرير اميركا من الصهيونية، ولكنهم يستطيعون على الاقل ان يفعلوا شيئا وعبر معادلة التركيبة الاميركية الداخلية في تشجيع خلق لوبي فاعل في اميركا لصالح قضيتهم، وهو مطلب صعب ولكنه ليس مستحيلا، والعرب لم يجربوا تشجيع مثل هذا التوجه، ولم يستفيدوا يوما من لوبي عربي كبير في اميركا اهم صفاته انه كم مهمل. اما الرئيس الروسي بوتين فقد نسي ان روسيا ليست الاتحاد السوفيتي، وان اسرائيل ليست روسيا البيضاء.