لو!

TT

كلمة «لو» من الكلمات الحلوة التي لا ننفك من ترديدها. وهو ما فعلته وانا جالس امام متحف الباردو في مدريد اريح قدمي المتعبتين من التجول بين الصور والتماثيل فانطلق بي الذهن في هذه التسبيحة الوهمية. قلت لنفسي آه لو لم نفلت من قبضة الاستعمار البريطاني والفرنسي في مشرقنا العربي، مصر والسودان وسوريا ولبنان والعراق والاردن فما الذي كان سيحدث.

لو لم نتحرر ونحقق الاستقلال لما تعرضت هذه البلدان للانقلابات والحروب الاهلية والخارجية، ولا مات ملايين الناس فيها. لما تعرض السودان للمجاعات ولا سمع العراقيون بصدام حسين، ولا استطاعت تركيا ان تنهب مياه دجلة والفرات كما يحلو لها، ولا استطاع الشاه ان يفرض على العراق اتفاقية الجزائر ويأخذ ما يشاء من شط العرب، ولا تعرضت سيناء ولا الجولان للاحتلال الاسرائيلي ولا فقد الاردن القدس والضفة الغربية.

لو لم تكن عندنا حكومات وطنية لما شاع الفساد ونهب الاراضي واموال الدولة بالشكل الذي جرى في ظل الحكم الوطني ومن قبل زعماء الوطنية.

لو لم نطرد المستشارين الاجانب من وزارات المعارف والتربية والتعليم لما درسنا كل هذه الدروس العقيمة الخزعبلانية واضعنا وقتنا وسممنا عقولنا بها وحبسنا تفكيرنا في اطر القرون الوسطى.

لو لم نتخلص من ربقة الاستعمار لما استطاعت مصر تأميم قناة السويس وجني عوائد المرور لنفسها ولا استطاع العراق تأميم النفط والتصرف بحقوله وجني عوائده كاملة للعراق.

وبعين الوقت لما عمدت حكومات العراق الى تبديد ما جنته من هذه العوائد على التسلح وبناء القوات المسلحة ثم اجاعة شعبيهما، ولا استطاعت عصابة صدام حسين نهب حصة الأسد من هذه العوائد وتبديدها على بناء القصور المنيفة. وماذا بعد؟ لو بقيت القواعد العسكرية البريطانية في السويس والشعيبة والحبانية، لما احتاجت مصر والعراق للتجنيد الاجباري او اي قوات برية او جوية او بحرية ولا تجرأت اسرائيل على مهاجمة مصر او دخل العراق في حرب مع ايران او قام بغزو الكويت.

لو بقيت بريطانيا وفرنسا في المنطقة لاستمر الانجليز والفرنسيون في نهب ثروات البلاد ولكن كل ما ينهبونه لا يساوي ما انفقناه من اموال ودماء في الدفاع عن وحدة البلاد وحدودها. واخيرا، لو لم يتسلم الوطنيون الحكم في العراق لما احتاج خالد القشطيني وامثاله الى مغادرة البلاد والتعرض لشتائم الوطنجية واتهاماتهم. ولو زرعوا الـ «لو» ما خضر.