الهرولة التي أغضبت السادات والملك حسين!

TT

في القاموس: ان الهرولة وسط بين المشي والجري.. والحديث القدسي يقول في ما معناه: اذا اقترب مني عبدي مشيا جئت اليه هرولة ـ أي أن الإنسان إذا تقرب إلى الله خطوة اقترب الله منه خطوتين وأسرع..

وقد غضب الرئيس السادات من كلمة (الهرولة) مرة، ومن الهرولة نفسها مرة أخرى. والملك حسين غضب منها أيضا..

فعندما انشأ الرئيس السادات الحزب الوطني الديمقراطي انضم اليه كثيرون وبسرعة. فكتب الاستاذ الكبير مصطفى أمين يقول: لقد هرولوا.. أي اسرعوا.. أي اسرعوا بلا تفكير، وإنما هي المصلحة ومنافقة الرئيس. وغضب الرئيس السادات فلم يكن يتوقع ان يقولها مصطفى امين الذي اخرجه السادات من السجن تحت ضغط والحاح منا. فقد كان مصطفى أمين مظلوما تسع سنوات. ومصطفى أمين كان يتوقع أن يفرج عنه السادات ويعفو ايضا، ولكن السادات جعل الافراج صحيا! فلم يسعد بذلك مصطفى أمين!

أما الهرولة الثانية، فقد كنا نصلي في داخل الكعبة برفقة الرئيس السادات والرئيس القذافي. وفي داخل الكعبة سمعت زعيقا، كأنه عيار ناري وبعده صمت تام. ولم افهم. عندما خرج السادات من الكعبة سألته: ايه يا ريس اللي حصل؟ فقال: الجدع القذافي أمسك يدي وقال نعاهد الله أن نناصر القضية الفلسطينية. شيء غريب! انه لم يدفع مليما واحدا لمساعدة الفلسطينيين رغم الحاحنا عليه ورغم ملياراته!

ونزلنا نتوضأ بماء زمزم ثم رحنا نسعى بين الصفا والمروة.. ونحن في منطقة الهرولة كان القذافي ومن معه لا يهرولون وانما يتسابقون المرة بعد المرة.. وسبقونا بعدة اشواط.. وفي النهاية وقف القذافي ينادي بأعلى صوته «وين المرة» (المرأة).. ولم نكن نعلم ان السيدة حرمه معه.

وفي السيارة إلى جدة لم يتبادل الاثنان كلمة واحدة. وفجأة توقفت عشرات السيارات في ظلام الليل، وانزعجنا تماما. وفي الصباح سألت الأمير فواز وكان أمير مكة عن الذي حدث، قال: انه حاول، ولم ينجح في إصلاح ما بين الرئيسين.. وفوجئ بان الرئيس القذافي يريد زجاجة كوكا. وهنا انفجر الرئيس بالضحك وقال: يا معمر نحن على مدى خمس دقائق من الفندق.. ولكن معمر أصر. وانطلقت السيارات تأتي بالكوكا التي بقيت في يد القذافي وهو يدخل الفندق!

أما المرة الثالثة فهي في مؤتمر عمان، وقف السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر يعيب على الاردن وغيره أنه (هرول) نحو التطبيع مع اسرائيل.. وغضب الملك حسين وقال: والله نحن لم نفعل الا هرولة وراء مصر.. ولا أكثر ولا أقل!

وفي الصباح اشتركت في برنامج تلفزيوني مع د. عاطف عبيد، عندما فوجئنا بأن الملك حسين جاء وحده إلى التلفزيون الأردني ليؤكد ما قاله بالأمس وما قاله كان قويا!

وكان موقف عمرو موسى كأنه اطلق قنبلة ولكن استطاع الملك حسين أن يجعلها قنبلة مرتدة. وكان الهمس واللمز ولم نعرف في ذلك الوقت ما الذي يمكن عمله.. فكان الوفد الإسرائيلي من رجال الصناعات، وكان هذا الوفد في مصر قبل ذلك بأيام وكانوا سعداء بالموقف الأردني.

وفي مقال للاستاذ مأمون فندي ان حاسته الصحافية تشير إلى أن هناك هرولة عربية نحو التطبيع مع اسرائيل.. والذي يرجحه الاستاذ فندي اؤكد له انه حقيقة استنادا إلى معلومات دقيقة، فكأنهم يهرولون منذ مؤتمر عمان مرورا بكل مؤتمرات القمم العربية الاسرائيلية. لماذا؟

لان هناك كلمة قديمة وحديثة وهي: أنه لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، وانما مصالح دائمة!