رد وقضية

TT

فوجئ القراء السعوديون بخبر تناقلته كافة صحف بلادهم، وهو عبارة عن بيان توضيحي صادر عن صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى ينفي «نفيا قاطعا» تأييده أو دعمه للإرهاب في السعودية أو العراق. ويأتي البيان ردا على الخبر الذي اذاعته المحطة الاميركية المعروفة «سي إن بي سي» بنفس المعنى.

والشيء اللافت عن الخبر، هو نشره عبر وكالة الانباء السعودية والصحف السعودية، وغير معروف أي فائدة ممكن أن تحدث لأمر كهذا، فالجمهور المقصود لخبر كهذا ليسوا السعوديين، فالمقصود هنا هو توضيح ذلك للرأي العام العالمي والاميركي تحديدا لا السعودية.

وكون أن صالح اللحيدان نفى ما اذاعته المحطة الاميركية فان الأمر بات بحاجة لتناول ومعالجة باسلوب مختلف. تناول يعتمد على الجانب القضائي البحت. فالمحطة الاميركية «ادعت» وصالح اللحيدان «نفى»، وبالتالي هناك لبس ما، و«لحسم» هذا الأمر مطلوب اللجوء للقضاء لا الى الصحف السعودية ووكالة أنبائها.

وفي بيان صالح اللحيدان، كان يدافع عن الحكومة السعودية وهي التي استخدم بعض رموزها القضاء والمحامين للدفاع عن الدعاوى التي اقيمت ضدهم في أميركا نفسها، وربحوا جولات مهمة فيها، وقد كان معهم في ذلك السجال الكثير من المؤسسات السعودية ورجال الاعمال ايضا.

الاصلاحات الشكلية المهمة التي أعلن عنها عبر الانظمة الجديدة للقضاء السعودي ينتظر العالم ممارسات حقيقية لها من رموز القضاء السعودي، ولعلها فرصة ذهبية لاثبات النقلة النوعية التي من المفترض أن يمر بها القضاء السعودي، وذلك بأن يعين صالح اللحيدان محاميا أو فريقا من المحامين السعوديين والاميركيين للدفاع عما ورد بحقه، ولكن أن يكون ذلك في ساحة القضاء الاميركي نفسه وليقارعوا الحجة بالحجة، وفي نفس النطاق تمكن محمد جميل ومجموعة عبد اللطيف جميل مؤخرا من تحقيق نصر قضائي ضد صحيفة الـ«وول ستريت جورنال» العريقة في قضية مماثلة.

الأثر والنتائج التي من الممكن تحقيقها من هكذا انجاز هائل ومهم سيظهران للعالم القدرة السعودية على الدفاع عن نفسها عمليا بدلا من «بيع الماء في حارة السقايين» عبر بيانات صالحة للاستهلاك المحلي فقط.

لا يوجد شيخ يؤيد «الارهاب»، فهذا أمر لم يسمع به من قبل ولكن يوجد من يؤيد «الجهاد»، وفي تفسير معنى الجهاد اختلفت الآراء ولذلك من الضروري حين البدء في الدفاع أن يتم تذكر هذا الأمر ايضا، لأنه سيكون موضع نقاش طويل. العالم يستمع لكل كلمة تصدر عن السعودية ويزنها بميزان حساس ودقيق. ومطلوب أن نعي ذلك ونقدر ذلك ونحترم ذلك.

[email protected]