الذين يجدون حلا!

TT

كانت الأسرة المالكة البريطانية تنظر بكثير من الاستخفاف والازدراء للأميرة ديانا، فهي تمشي في الأسواق وترتدي الجينز وتشتري حاجياتها وتحملها إلى البيت، مع أنها لو أرادت سوف يتولى هذه المهمة عشرات ويشرفهم ذلك.

ولكن الشيء الذي ارتكبته الأميرة ولا يحتمله أحد، هو أنه كلما بكى طفلها الرضيع أسكتته بأن وضعت أصبعها في فمه، فيرضع الطفل ويسكت. ووجدوا في ذلك أن سموها (بلدي)، مع أن أسرة الأميرة ديانا من النبلاء، وهي أكثر عراقة من الأسرة المالكة الألمانية الأصل.

والذي كانت تفعله ديانا تفعله أية أم على كل خط الطول والعرض في كوكب الأرض.

ويحكي لنا المفكر الأميركي أميرسون، أن إحدى الأبقار في مزرعته ولدت، وابنها في الحظيرة ويريد أن يخرجه لكي يتفرج عليه، وحاول فلم يستطع، فالعجل الصغير أقوى، ودعا أولاده فلم يستطيعوا أيضا، ووقفوا يفكرون ما الذي يمكن عمله، وانتهوا إلى قرار هو تأجيل هذا القرار يوما أو يومين.

ولكن خادمة استطاعت أن تحل هذه المشكلة، دخلت إلى الحظيرة ووضعت أصبعها في فم العجل فراح يرضع وخرج معها، واندهشوا، فقال المفكر الأميركي: إنني أحب الذين يجدون حلا.

وذهب إلى مكتبه ونظر وراءه وأمامه إلى ألوف الكتب، وقال: كل هذه الكتب لم تعلمني كيف أخرج عجلا من حظيرة، واستطاعت خادمة لم تقرأ كتابا واحدا فعل ذلك. إن الكتب ليست هي المصدر الوحيد للمعرفة.. عجبي!

ولما أوشك اثنان من نمور البنغال الصغيرة على الموت جوعا، وجدت حديقة الحيوان حلا: أتوا بأم كانت ترضع طفلها وعرضوا عليها أن ترضع النمرين الصغيرين، فوافقت ورضع الصغيران سعيدين، وهي سعيدة أيضا.

ولكن أعجب وأذكى ما عرفت، ما كتبه الرئيس يلتسين في مذكراته، أنه اضطر إلى أن يحمل على صدره أحد أحفاده من موسكو إلى ستالينجراد، ولم يدرك أن هناك صعوبة من أي نوع، فالطفل رضع حتى شبع، ونام وسوف ينام الساعات الخمس المقبلة، والأطفال إذا شبعوا ينامون بسهولة هذه الساعات، ثم انه في كل مرة يتقلب الطفل بين ذراعيه فإنه يهزه حتى يعاود النوم مرة أخرى.

ولكن الطفل أصر على البكاء والدنيا ليل والرئيس يلتسين لا يعرف ما الذي يمكن عمله، ولا يريد أن يزعج أو يوقظ السيدات في القطار الطويل، وهو مصر على أن يجد حلا، فكيف لا يجد حلا؟! إنه يجد حلولا لمئات الملايين الروس، فكيف يعجز عن مشكلة روسي صغير، فوضع أصبعه في فم الطفل، كما تفعل كل الأمهات، فسكت. ولكن الطفل بغريزته أدرك أنه لا شيء يخرج من هذه الأصابع إلى شفتيه وحلقه ومعدته فظل يبكي.

أما الحل العبقري، فهو أن الرئيس يلتسين فتح قميصه وأعطى ثديه للطفل، والرئيس يلتسين له ثديان كبيران بوضوح. وهنا فقط أحس الطفل كأنه يرضع، وظل الطفل يرضع حتى نام.

وأنت وأنا أيضا.. نحن نعجب للذين وبالذين يجدون حلا.