إسكان

TT

في بادرة مهمة تستحق جزيل الثناء، خصص ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ملياري ريال لمشاريع الإسكان الشعبي. والشيء اللافت أن مسؤولية هذه المشاريع ستكون على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية التي يتولاها الوزير القدير

عبد المحسن العكاس الذي صرح بأن المشاريع ستكون باتجاه المناطق الأكثر احتياجا.

الواقع ان الإسكان في حد ذاته بات تحديا تنمويا ومشكلة متنامية. والسعودية كانت تعامل تحدي الإسكان عبر طريقين; الأول: كان عبارة عن اقامة مجمعات خرسانية هائلة في المدن الرئيسية أطلق عليها مشاريع الإسكان العاجل أو السريع أو عن طريق القروض الميسرة المقدمة من قبل صندوق التنمية العقاري، وكل ذلك لم يكن مبنياً على خطة منظمة أو نظرة استراتيجية محددة تتعاطى مع شأن الإسكان، وكان نتاج ذلك أن بقيت مدن الإسكان السريع خاوية كمدن الأشباح لم تستخدم إلا إبان الغزو العراقي للكويت حين تم استضافة بعض «الضيوف» الكويتيين خلال فترة احتلال بلادهم.

وبعد ذلك تم «بيع» بعض الوحدات السكنية بها بدلا من القروض العقارية التي توقف البنك العقاري عن اصدارها. والمعاملات الخاصة بصندوق التنمية العقاري تتعطل، وبلغ الروتين والتعقيدات للمراجعين فيها أنه منذ فترة تبين أن البنك لم يقبل معاملات جديدة لمدة تزيد عن 11 سنة.

كل هذه التجارب من المفروض أن يتم الاستفادة منها في توصيات سياسات الإسكان الشعبي المستهدفة. وتأتي هذه البادرة الجديدة بعد أن تم تحديد مبلغ تسعة مليارات ريال لدعم صندوق التنمية العقارية مما يعني ان موضوع الإسكان بدأ يأخذ نصيبه في قائمة الأولويات ضمن خطط التنمية السعودية مثله مثل البطالة والتعليم والصحة مثلا.

ولعل أحد أهم تجارب الإسكان في العالم هي التي قامت باجرائها سنغافورة في حقبة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي. فلقد اعتمدت سنغافورة هذه الدولة المدينة على ان تكون مناطق إسكانها الشعبي بجوار مناطق اقتصادية، بمعنى أن هذه المدن اقيمت بجوار مصانع أو مرافق خدمية بحيث تكون كافة هذه المواقع ذات قيمة مضافة. اضافة لذلك تم الاعتماد على التوسع الرأسي بدلا من الأفقي نظرا لما فيه استغلال أفضل للمساحات والموارد وتخفيف عبء وتكلفة الإمدادات الخاصة بشبكات المياه والكهرباء والغاز والصرف الصحي، وبالتالي كانت تلك المشاريع «نقطة اغراء» للاقتصاديين حيث يتوفر السكن لعمالهم بجوار منشآتهم الانتاجية وايضا بطبيعة الحال هي أسلوب مريح وجاذب للساكنين أنفسهم.

الآن مع تولي وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية ملف الإسكان الشعبي، سيكون التعامل معه على أساس النظرة الخيرية والاجتماعية بدلا من اسلوب تجهيز البنى التحتية فقط لأن البناء شيء والتسليم لمن يستحق شيء آخر.

الإسكان الشعبي ملف كبير وشائك، ومع ارتفاع معدلات النمو السكاني وازدياد معدلات الفقر سنتعود على الاستماع لكلمة الاسكان ومشاكله. وكل الأمل أن نكون جاهزين للمواجهة والحلول.

[email protected]