لسنا هنا ـ ولا هناك

TT

تذكر العالم أجمع أمس مرور 60 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية، افظع الحروب التي عرفتها البشرية. الا نحن، لا الدوائر ولا الصحف ولا التلفزيونات ولا كليات العلوم السياسية أعطت المسألة اكثر من بضعة أسطر.

لماذا؟ لاننا غير معنيين. نحن لم نشترك في الحرب، اذن نحن غير معنيين. لكن أليست هذه هي الحرب التي غيّرت وجه العالم وأدت الى اهم تغير في ملامح وجوهر العالم العربي؟ ألم يستسلم ادولف هتلر ثم ينتحر؟ ألم يُقتل 60 مليون بشريا ويشرّد مئات الملايين في 2077 يوما من الدماء والخراب والتشريد والتجويع؟ ألم يتغير ميزان القوى وتفقد المانيا موقعها كدولة كبرى، وبعدها بأشهر تسقط اليابان؟ نعم. لكن نحن لا يهمنا؟ ولكن ألا يهمنا ان اهم نتيجة للحرب كان غياب فلسطين وظهور اسرائيل بعد ثلاث سنوات من 8 ايار مايو 1945؟ ألم تبدأ تلك السنة ثورة معالي الحاج في الجزائر لأن فرنسا خرجت عارية من الحرب؟ ألم يبدأ يومها انهيار الامبراطورية البريطانية الذي سيؤدي الى الجلاء عن مصر ثم الى ثورة 23 يوليو؟ ألم يتغير الواقع السياسي في العالم العربي وتبدأ حروب الاستقلال بدعم خفي احيانا، معلن احيانا، من اميركا نفسها؟ ألم تنته عمليا الاتفاقات التي وضعتها بريطانيا وفرنسا حول وضع المنطقة في الحرب العالمية الاولى؟ هل حقا نحن غير معنيين، لا بالحرب العالمية الاولى ولا بالثانية؟ لا بخروج فرنسا وبريطانيا ولا بوصول اميركا وروسيا السوفياتية والاحزاب الشيوعية؟ اين كانت اسرائيل لولا ان تقرر حل «المسألة اليهودية» على حساب العرب؟ ومن دفعنا الى «الخيار السوفياتي» يوم كان للسوفيات امة جائعة خرجت من الحرب منتصرة عسكريا ومعزولة خلف ستار حديدي؟ وكيف دخلت اميركا التي يرأسها عسكري يدعى ايزنهاور، عن طريق الانقلابات العسكرية الى العالم العربي كما دخلت في الوقت نفسه الى اميركا اللاتينية، حيث غلّفت الديكتاتوريات بسيلوفان «الثورة»؟

اين جرت معركة العلمين، من اجل الوصول الى السويس ومن السويس الى النفط؟ من نقاتل على بغداد؟ لماذا ارسل تشرشل من القوات لحماية السويس اكثر مما وضع على جزر بريطانيا؟ لماذا تصارع الفرنسيون والبريطانيون في لبنان وسورية والعراق برغم كونهم حلفاء؟

هل صحيح ان الحرب العالمية الثانية لا تعنينا؟ جلاء فرنسا وبريطانيا عن مصر وسورية ولبنان؟ وبقاء بريطانيا في فلسطين بد الحرب ألا يعني احدا؟ هل كانت تلك الحرب «كونية» في كل مكان الا في العالم العربي؟ هل يعنينا المغرب ولقاء الدار البيضاء؟ ماذا حدث؟ لماذا دائما هذه العلاقة المزرية مع التاريخ؟