من زرع... حصد؟

TT

الزراعة السعودية ومنتجاتها المتنوعة باتت واقعا، والأرقام تثبت ذلك بقوة. ولم يعد القمح هو المنتج الوحيد الذي يتحدث عنه الناس كدلالة على «الحقيقة الزراعية» في السعودية، ولا التمور هي الحصيلة الزراعية الوحيدة. فالكم الهائل المزروع سعوديا من مختلف أنواع الخضروات والفواكه يتحدث عن نفسه.

ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، وهو متى تتحول الخطة الزراعية من خطة محدودة وحذرة إلى خطة طموحة وقوية؟ الكثيرون يعرفون عن نخل الأحساء، وتمور القصيم، وعنب ورمان وورد الطائف، ونعناع وحبق المدينة المنورة، ومانجو نجران، ولكن هذه المعرفة تبقى محليا فقط وفي أضيق الحدود، إذا ما تمت مقارنة هذه السمعة المكتسبة للمنتجات الزراعية المذكورة، كل بحسب المنطقة التي يزرع فيها، بما يروج للقطن المصري، والزيتون الاسباني، والمشمش السوري، والتبغ الكوبي، والمانجو الهندية، والشاي السيلاني، والبن البرازيلي، والأرز الباكستاني.. وهكذا. وهذه الهويات المميزة لم تحصر فقط في ما ينتج زراعيا، ولكن وصلت إلى المنتجات الحيوانية أيضا، فهناك لحم العجل الفرنسي، والأجبان السويسرية، والزبدة الدنماركية، وسمكة السالمون الاسكوتلندية، والأصواف البريطانية.

واليوم، ومع كبر الصناعة الزراعية في السعودية، بات من المطلوب أن يتم تشجيع «الهوية» الزراعية المميزة لها، فيتم التركيز على دعمها وتشجيعها عبر تأسيس كيان مستقل، الغرض منه التعريف والترويج لتلك المنتجات المميزة في العالم العربي، أولا ثم سائر الدول الأخرى لاحقا.

ومن المهم في هذه التجربة أن يتم التركيز على أسواق دول الخليج العربي، لكي تكون السعودية هي «سلة الغذاء» المناسبة والمنطقية لهم، فهي الأقرب جغرافياً، لهم ومن المفروض أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار حين وضع التوسعات المنشودة من وزارة النقل للطرق السريعة أو للسكك الحديدية، بحيث تراعى في ذلك قدرتها الاستيعابية للمحاصيل الزراعية المختلفة.

النظرة التقليدية للزراعة بات من المطلوب أن تتغير وتتغير الأدوار الرئيسية فيها لتكون شراكة بين وزارة الزراعة والمزارعين، لكي ينظر للدور الزراعي في الاقتصاد الوطني كما ينظر للصناع والتجار، وتنضم الزراعة تدريجيا في الاقتصاد الوطني في أروقة الغرفة التجارية وهيئة الاستثمار للنظر إليها كعضو كامل وحقيقي في آلية صناعة الاقتصاد الوطني الحديث.

الزراعة من الممكن أن تكون رافدا جادا للاقتصاد لو تم التفكير فيها بصورة جديدة ومغايرة وتركها للاعتماد على النفس مع إزالة المعوقات واستخدام تطوير جاد لآليات الري الحديث، وفي ذلك فائدة هائلة.. وجديدة.

[email protected]