متى ينتهي نزاع الباكستانيين ؟

TT

باكستان بلد محير جدا. فهذا البلد الكبير جدا، ثاني أكبر الدول الاسلامية، لا يزال يثير تساؤلنا، من يحكمه؟ العسكر أم الاحزاب السياسية العشرون؟ ام الخمسون عائلة ثرية التي يقال إنها الباقية دائما في السلطة؟

الأكيد ان حالة التناوب بين الاضطراب والهدوء هيمنت على باكستان منذ انفصالها عن الهند وحتى اليوم ، ولم يعد امرا محتملا دوليا ولا محليا، خاصة مع تزايد دعوات إسقاط الجنرال برويز مشرف الذي سبق ان اطاح بدوره حكومة نواز شريف. وعندما فعلها الجنرال آنذاك، كان اول المصفقين للانقلاب العسكري هم المعارضة المدنية، وعلى رأسهم رئيس حزب الشعب الباكستاني، حزب بنازير بوتو، انتقاما من منافسه شريف. اليوم يقول رئيس الحزب إنه يشعر بالأسف حيث ساند الانقلاب ليتبين له لاحقا ان الجنرال مشرف لا ينوي ترك كرسي الحكم. بكل أسف هذه قصة العمل السياسي في كثير من الدول الاسلامية التي تقدم المصلحة الخاصة على احترام شرعية العمل السياسي. فحسن الترابي، على سبيل المثال، أيد انقلاب البشير في السودان ضد حكومة الصادق المهدي الشرعية، فقط لأن حزبه مني بالهزيمة في الانتخابات. وبدل ان يقبل بالنتيجة الانتخابية ويحترم النظام تآمر مع العسكر الذين انقلبوا بمساندته، وها هو الآخر يشعر بالأسف في سجنه لأنه انقلب على الشرعية.

والمشكلة في باكستان ان الشرعية كانت مقرونة بالفشل السياسي، والعسكر بالنجاح الإداري، كما هو الحال عليه مع مشرف اليوم، الذي اشتهر بالاستقامة في الإدارة، في حين عرف عن كل الحكومات المدنية السابقة فساد مهول. ومن المؤكد ان نظافة اليد لا تبرر حق الجنرالات في سرقة الحكم.

حزب السيدة بنازير بوتو «الشعب الباكستاني» يقول انه اتفق مع خصمه حزب نواز شريف، «الرابطة الإسلامية» على التعاون من اجل اعادة الديمقراطية واعتماد دستور 1973. وهم يعلمون ان عدوهم المشترك، الرئيس الجنرال مشرف، ربما لا يحظى اليوم بشعبية كبيرة في بلاده ، الا انه يملك خصلتين، واحدة انه انقذ باكستان من انهيار اقتصادي شبه محتوم ، بسبب فساد الحكومات السابقة. والثاني أنه قدم منذ البداية مشروعا يبدو اكثر ديمقراطية مما يطرحه الحزبيون اليوم. فقد سبق لمشرف ان عرض منذ خمس سنوات فكرة تقليص صلاحيات السلطة المركزية ، لأن باكستان دولة ضخمة السكان، 156.4 مليون نسمة تقريبا. واقترح نقل القرار للسلطات المحلية، من خلال مجالس بلدية يشغلها نحو ربع مليون نائب. وهي بالفعل الحل الأمثل ، لولا ان الاحزاب عارضتها اعتقادا منها ان الهدف تقليص نفوذها.

هذه هي حال باكستان المضطربة، بجوار الهند المستقرة، التي تتمتع بتقدير عالمي كبير، بسبب نجاح ادارتها السياسية، رغم انها اكثر من باكستان في تعدديتها الاثنية والدينية واللغوية، ومحملة بهموم اقتصادية أعظم. السؤال الطبيعي: لماذا فشلت الدول الاسلامية الكبرى ونجحت منافساتها في العالم، حيث نرى فشل باكستان واندونيسيا وكذلك نيجيريا ؟ سؤال يحتاج الى مساحة أطول للنقاش.

[email protected]