الهوية المفقودة!

TT

«الفورة» التي تشهدها سوق الاسهم السعودية وبلوغ مؤشراتها لمعدلات نمو وتصاعد غير مسبوقة، باتت معها صالات التداول تشهد بعض المناظر والمشاهد الغريبة والدرامية أحيانا والكوميدية في أحيان أخرى، ولم يعد غريبا مشاهدة «مشجعي الاسهم» وهم يلتهمون المكسرات والمياه الغازية ويرمون بالبذر على شاشات التلفزيون التي تظهر حركة الاسهم في حالة هبوط «أسهمهم» والتصفيق والتهليل اذا ما صعدت في منظر أشبه بمدرجات الدرجة الثالثة في ملاعب كرة القدم ويسمع فيها صرخات «طيب يا سابك» أو «حرام عليكي يا اتصالات».

وسط هذا كله يحدث مشهداً مخالفاً وصريحاً وسط مباركة وتشجيع من البنوك وهيئة سوق المال ومؤسسة النقد والمشهد المقصود هنا هو «التعدي» العلني الواضح على هوية المرأة السعودية، فالاسهم تباع وتشترى وتوكل للغير باسم المرأة الموجود على بطاقة العائلة دون علمها، بل من الممكن ان يستخدم هذا الاجراء لصالح الغير لأن «شهامة» الرجل وكرامته تأبى إلا أن يلبي طلب صديقه أو قريبه الذي طلب منه «مجموعة» أسماء لشراء اسهم جديدة.

بل أن الامر يتعدى ذلك ليشمل استخدام بطاقات عائلية قديمة عليها اسم زوجة مطلقة واستخدامها «كاسم» آخر يضاف للقائمة، ومعلوم أن هناك العديد من المواقف الحرجة التي حدثت للزوج الذي كان يحاول شراء اسهم باسم زوجته فيكتشف أن اسمها مستخدم من أخيها أو طليقها بدون علمها طبعا. وكل هذه العمليات تتم دون اشتراط توكيل رسمي أو تفويض خطي يتيح ويأذن لصاحب دفتر العائلة بشراء وبيع الاسهم والمشاركة في الاكتتابات العامة باسماء محارمه. ويأتي هذا الامر وفيه مخالفة صريحة وواضحة لروح الشرع الاسلامي الحنيف لأنه ليس من حق الرجل بيع ممتلكات النساء دون اذن واضح ومكتوب أو حضورها شخصيا.

وعليه السؤال يطرح نفسه وهو كيف يسمح في المصارف (وهي الجهة الحصرية المخولة بتداول الاسهم) بشراء وبيع الاسهم للنساء وبالرغم أن هذا الاستخدام هو في مرحلة الاكتتاب فقط ولكن كيف يمكن فعل ذلك مع العلم أن هذا يعتبر انتهاكاً صريحاً لحق من حقوقها لأن تكتتب هي باسمها.

واعلم أن هناك محاولة جادة من قبل الاكاديمية والكاتبة المعروفة موضي الخلف لتجميع اسماء من تضررن من هذا الاجراء ورفعها لمؤسسة النقد السعودي وذلك لاجراء تعديل في اجراءات الاكتتاب ليحفظ للمرأة حقوقها بشكل واضح وهذا مهم وفاعل يؤكد وعي المرأة السعودية وقدرتها على السعي لتثبت حقوقها.

[email protected]