ياليتنا من حجنا سالمين

TT

ضمن أحاديث الموضة والتباهي بالحصول على آخر ما جاء فيها وزيارة المتاجر الحديثة ووصفات «الحلو» وآخر صرعة في برامج الحمية، تشتمل أحاديث المعلمات في المدارس على قصص الخادمات الشقيات، وأحدث طرق تدجينهن وإحباط ثورات تمردهن، وأخبار حملات التفتيش ومداهمات غرفهن للوقوف على ألعابهن والتفنن بطريقة إشغالهن حتى الممات.

قالت مدرسة الجغرافيا لمدرسة التاريخ إن الخادمة (الله ياخذها) ـ هذه جملة اعتراضية عادة تلازم الحديث عن الخادمات ـ في آخر زيارة لهم للقصيم لحضور مناسبة زواج قريب، قامت بحركة تمرد اضطرا (هي وزوجها) لإخمادها بحبسها في الحمام ثلاثة أيام متواصلة، وبعد انتهاء المناسبة عادوا للرياض، إلا أنهم اضطروا لإجلاسها طوال طريق العودة في المقعد الأمامي بجانب الزوج، والزوجة وأطفالها في الخلف خوفا منها، وتحسبا لمفاجآت الطريق غير السارة، وتم تسفيرها من رواتبها المتأخرة التي يتحفظ عليها عادة لمثل هذه المناسبة.

قالت مدرسة التاريخ لمدرسة الجغرافيا: لكن القانون يقول: بعد مضي سنة تسافر على حسابكم؟ فردت مدرسة الجغرافيا التي استقبلت قصتها على غير ما تحب، بأننا هنا ليس لدينا قوانين والحمد لله! الجدير بالذكر أن زوج مدرسة الجغرافيا يعمل مدرسا هو الآخر، يعني أبطال القصة طاقم تعليمي ومربون أفاضل!

هذه الحكاية تذكرتها بعد أن قرأت قصة مقتل خادمة في نجران على يد كفيلها الأكاديمي في كلية التقنية وزوجته المدرسة، والتي زعما أنهما لم يقصدا تماما قتلها بل تأديبها، فماتت من كثر التأديب.

دائما أقول للكثير ممن أناقشهم، كيف لم يفلح التعليم في تطوير الشخصية لدى الكثير منا، الكثير منا لم يغيره التعليم باتجاه الأفضل لصالح ذاته ولصالح مجتمعه، فالمتعلم يسلك السلوك ذاته ولو خارجيا، وهو وأطفاله يعبثون بالممتلكات العامة ولا يحترمون حقوق الناس حتى في المساجد، محاسبة الذات والضمير الذاتي فعل غائب.

طالما غاب الشرطي وحارس الأمن، فإن أساليب تخويف أولادهم لا تزال هي ذاتها، يخوفون أولادهم بالسعلوه وحمار القايلة، والشرطي (بياكلك).

في حواري مع الآخرين أعترض بالقول: لكن فلان معلم مدرسة، لكن فلان بروفسور في جامعة، لكن فلان مهندس، لكن فلان متخرج من جامعة أميركية، فيردون علي: ليس بشرط، بل على العكس فالبسطاء والأميون لديهم من الفطرة السليمة والسلوك الرشيد أكثر مما لدى بعض هؤلاء، يعني كأنهم يقولون: يا ليتنا من حجنا سالمين!!

يحثونني أن لا أرهن على التعليم في تغيير المجتمع، إذا لم نستطع أن نراهن على الثروة كعامل على إحداث التنمية والتغيير، واليوم لا نستطيع حتى أن نراهن على التعليم في تغيير الناس ووعيهم، فعلي ماذا ياخواني نراهن!!

[email protected]