قائمة سيئة السمعة

TT

الديمقراطية، الإصلاح، تطوير مناهج التعليم، تحديث المؤسسات، تمكين المرأة، الحرية، تحرير المعرفة، كل هذه المصطلحات بدون تمييز لها سمعة سيئة عند البعض، فهي مصطلحات يستطيع كل واحد في الشارع أن يشرحها لك نظريا بأنها جزء من مؤامرة لسلبنا هويتنا وتعد على خصوصيتنا، لكن هؤلاء لن يستطيعوا الذهاب أبعد من هذا.

في شرح هذه المصطلحات تعريفها إجرائي أي عملي، فالديمقراطية لا تعني ممارسة المواطن لحقوقه العامة والخاصة بحماية الشريعة والقوانين، والإصلاح لا يعني الرغبة في النهوض بما هو نائم ومحاربة الفساد والرشاوى، وتطوير المناهج لا تعني عملية هامة للخروج بالتعليم من عصر الكتاتيب والكتابة بالفحم إلى عصر الطباشير ثم الدخول إلى عصر الماوس والكيبورد لمواكبة المستجد والعصري والحديث، وتحديث المؤسسات لا تعني تجاوز العمل بالبصمة والمحاسبة وجدولة القوانين، وتمكين المرأة لا يعني إعطاء ستين في المائة من خريجات الجامعات فرصة لترجمه معارفهن واستثمار مهاراتهن في الخطط التنموية الوطنية، وتوسيع مشاركة المرأة في سوق العمل عن نسبة لم تتجاوز ستة في المائة، ما يعني أن نصف قوة المجتمع معطلة، والحرية لا تعني بكل بساطة أنها المقابل المرفوض للعبودية، وهي حالة لا يقبلها دين ولا حضارة، وتحرير المعرفة ليست هي الاستفادة من المعلومات والعمل في ضوئها وتسهيل وصولها للباحث وتوفيرها ضمن سبل استخدامها للصالح العام والصالح الشخصي.

إذا كانت هذه المصطلحات تشير إلى ما هو متفق عليه لغويا وإجرائيا وعقليا بأنها لفائدة الناس، فلماذا تصبح الشروحات الإصلاحية عبر تعبيراتها السلمية تهما؟، ولماذا يرفض تمكين المرأة والتعامل معها ككائن عاقل ومستقل ومتعلم، ويظل مقبولا اضطهادها، خوفا مما يترتب عليه إعطاؤها حقوقها وحضورها في المجتمع العام.

أن محاولات التشويه التي يتعرض لها تطوير العلوم والحقوق الإنسانية التي كفلها لها الدين، ومكتسبات التحضر الإنساني المتراكم، هي تصورات لا ترى فقط أن فهمها الاختزالي مرض شخصي، بل أنها تحارب لتجنيد كل أصحاب ذهنية التبعية في جيشه للقضاء على جميع أشكال التطوير والتحديث، لهذا فلا تستغرب أن يحدّث سائق تاكسي ينتظر خروج ابنه من المدرسة أكاديميا ينتظر معه أمام بوابة المدرسة عما يجوش في قلبه بأن دعوة تطوير المناهج هي دعوة لحذف القرآن من المناهج، وأن الديمقراطية تعني السماح بزواج المثليين في المجتمع، والإصلاح يعني القبول بشروط أميركا الكافرة، وتمكين المرأة يعني خروجها عن التقاليد الإسلامية، والمعرفة تعني السماح لروايات سلمان رشدي بأن تكون مقررا في المناهج المدرسية.

[email protected]