صوت المرأة في الكويت

TT

وأخيرا، وبعد صراع استمر عقودا، وافق مجلس الأمة الكويتي يوم الاثنين الماضي في جلسة تاريخية ماراثونية على حق المرأة الكويتية السياسي في التصويت والترشيح، وقد أدت تلك الجلسة إلى تداعيات وتساؤلات، فلقد باغتت الحكومة المجلس بطرح الموضوع للتصويت بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على اجتماعها الأسبوعي، وحصلت على أغلبية مريحة بموافقة 35 ورفض 23 وامتناع الرئيس الخرافي وغياب خمسة كان بينهم وزير العدل السلفي الوحيد في الحكومة والذي غادر البلاد قبيل التصويت، ولم تكن هذه الظاهرة السلفية الوحيدة في الجلسة، فقد وافق على المشروع نائب سلفي آخر عرف بتشدده ضد حقوق المرأة السياسية، وكان لتداعيات هذا الموقف انعكاس على الحركة السلفية التي انشقت وتطايرت الاستقالات فيها، كما وقف النائب المخضرم أحمد السعدون مدافعا عن حقوق المرأة دفاعا فقهيا دينيا فغر المتابع له فاه، وكان السعدون هو العضو الوحيد الموافق على حقوق المرأة في الكتلة الشعبية البرلمانية التي يقودها... إنها السياسة قاتلها الله!!!

وقد شن المعارضون من التيار القبلي والديني هجوما على الحكومة لمباغتتها، واتهموها بالرضوخ للضغوط الأمريكية قبل زيارة رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد إلى واشنطن قريبا، لكن الحكومة بدورها رفضت هذه الادعاءات وقالت بأن هذا الموقف الرسمي منذ سنين منسجم مع رغبة أمير البلاد ـ الشيخ جابر الأحمد الصباح ـ التي أعلنت منذ العام 1999م.

المؤيدون لحقوق المرأة وللإصلاح بشكل عام، ثبت لهم بأن الحكومة تستطيع تمرير ما تشاء من قوانين الإصلاح متى شاءت، ومسألة حقوق المرأة دليلهم الذي لا يقبل التأويل، ويطالبون الحكومة بمزيد من الاصلاحات مثل تعديل نظام الدوائر الانتخابية وتخفيض سن الناخب.

المراقبون ينتظرون بترقب اتجاهات تصويت المرأة في الكويت في المستقبل، فبينما يتوقع البعض أن تصوت المرأة ـ منطقيا ـ لصالح التيار المدني الذي وقف إلى جانب حقوقها، وأن تحرم من أصواتها التيار الديني والقبلي الذي وقف ضدها، يرى آخرون بأن ذلك نوع من التمني، فاتجاهات تصويت المرأة في الاتحادات والنقابات والجمعيات تصب غالبا في خانة التيار الديني ـ القبلي، ومن ثم فإن صوت المرأة البرلماني لن يخرج عن هذا التقليد الذي تفرضه عوامل عديدة لا مجال لمناقشتها هنا.

التيار المدني بدوره يرى بأن تجهيل المرأة وتغييب دورها السياسي طوال العقود الماضية أسهما في سلبيتها وربما اتجاهها نحو التيار الديني ـ القبلي، ولكن مسألة مساندة المرأة وإعطائها حقوقها مسألة مبدئية ومع استمرار الممارسة سوف تصب المرأة بصوتها لصالح التيار المدني الذي يساويها بالرجل، وليس لصالح من يمتهنها ويسلب حقوقها.