كل صيف وأنتم بعلم

TT

بدأت نسمات الصيف تزداد سخونة وبدأت ساعات نهاره تطول وبدأ السعوديون يعدون عدتهم السنوية للاستعداد له والتعامل معه. فمنهم من يحزم حقائب الرحيل ويستعد لرحلة الصيف وقضاء الاجازة ، ومنهم من يستعد لقضاء فترة اجازته بين أهله في بلاده.

وفي السنوات الأخيرة اعتاد السعوديون على مشاهدة مخيمات الصيف الشبابية ببرامجها المختلفة من خطب وعظات ودروس تمكنت من استقطاب أعداد كبيرة من الشباب وخصوصا في ظل غياب تصاريح لأنشطة أخرى شبيهة، اللهم لبعض الأنشطة الفنية والترفيهية.

وقد قيل في تلك المخيمات الشيء الكثير، وكيف أنها كانت في بعض الأحيان منبرا للخطاب المتطرف والمتشدد، وأدت إلى سلوكيات سلبية هائلة وسط فئة الشباب. ولكن من الضروري أن يتم استغلال فرصة عطلة الصيف الطويلة وفرصة وجود هذه المخيمات لتقديم أفكار تبرز الجانب الاخلاقي في الدين الاسلامي، الجانب الذي يبرز روح التسامح وقيم العلم والعمل وتراث احسان الظن، وذلك عبر تقديم أعمال مسرحية تبرز أفكارا وشخصيات وآثار علامات مهمة في التاريخ الاسلامي. شخصيات كابن خلدون وابن رشد وابن سينا والفارابي والكندي والخوارزمي وابن بطوطة وغيرهم، وهم جميعا شخصيات انفتحت على حضارات الأمم وقدمت شخصية الانسان المسلم السوي، مع التركيز على كلمة الانسان وبشدة، وطبعا على أن يتم تقديم الأعمال المسرحية في شكل ترفيهي مبسط حتى ينال استحسان فئة الشباب ويستحوذ على اهتمامهم باقتناع.

تقديم الفكر الديني بقالب خطابي نمطي وبرسالة واحدة فقط مخبأة بداخله، فيه مظلمة هائلة للشباب المتلقي، بأن هذا هو العرض الوحيد المقدم لهم، ولكن المظلمة الأعظم، هي التي تقع في حق ديننا الحنيف، وذلك لأن المتلقي يعتقد حتما بأن ديننا لا يحمل في طياته سوى هذه الافكار فقط ، وفي ذلك انتقاص كبير للحقيقة.

المخيمات الصيفية هي فرصة كبيرة، كما أنها تحد كبير، ولكنه من الواضح أن طريقة إدارتها وما كان يقدم فيها سابقا، بحاجة لتطوير هائل مع الحفاظ على الهدف المرجو منه، وهو توصيل رسالة عن ديننا الحنيف للشباب، ولكن حتما يجب تغيير مضمون الرسالة وطريقة ايصالها.

مخيمات الصيف يجب ألا تكون كمعسكرات غسيل الدماغ، تروج لشعارات باسلوب فظ وغليظ ، ولكنها يجب أن تكون خطابا وفكرا متسامحا ومتزنا وسويا، لأن ذلك هو الإسلام الحقيقي.

[email protected]