أعمال صغيرة تساوي عملا كبيرا

TT

كنت قد سمعت بجهود بعض المكاتب الخيرية الصغيرة التي تهدف إلى مد يد العون للمحتاجين والفقراء التي ينشط على رأسها نساء، بعضهن احتسابا لله وبعضهن للقيام بمسؤولياتهن تجاه مجتمعهن، وبعضهن للاثنين معها.

وسمعت أيضا عن معاناة البيروقراطية وآلية ضبط ومراقبة مثل هذه الأعمال، ورغم ضرورتها إلا أن هذا لا يعني معاملة الجمعيات الأهلية الخيرية ببرود وبطء يقتلان حماس الراغبين في العمل الخيري وإيصالهم لبحر اليأس، وإغراقهم فيه، بل على الوزارات المرتبطة بالعمل الخيري أن تذلل جميع الصعوبات.

عندما قرأت التقرير السنوي السابع لمكتب السيدة كرم الحجيلان، التي قامت بجهود فردية ومعاونات شخصية تضم سيدة وأربع سكرتيرات يقمن بتقديم المساعدة بدراسة حالة المحتاجين، ودفع إيجارات منازل الأسر المحتاجة، وتأثيث منازلهم وكسوتهم ومدهم بالغذاء والتدريب على بعض الحرف كالسباكة والخياطة، تذكرت قول، الأم تيريزا، أشهر امرأة في حقل العمل الخيري العالمي، التي نالت جائزة نوبل للسلام، والتي ذهبت للهند لتساعد المجذومين والمعاقين والمشردين، حين قالت «لو أن كل واحد منا عمل عملا صغيرا، لعملنا عملا كبير». وها هي السيدة كرم الحجيلان تقوم بعملها الصغير، الكبير في عين مجتمعها وفي ميزان أعمالها ان شاء الله.

في تقرير المكتب أمثلة لبعض المساعدات وأمثلة لبعض الصعوبات، مثل: أخ لأسرة يتيمة، الأب والأم ماتا في حادث، لا تستطيع تسلم مؤونة الغذاء الشهرية بسبب انتداب الأخ لخارج الرياض، فيضطر المكتب أن يوصل المساعدة بنفسه حتى يعود الأخ من انتدابه.

وباستعراض سريع لحالة أسرة ينشق القلب لحالها نجد أن الأب متزوج من زوجتين ولديه عشرة أطفال، ثلاثة منهم مصابون بأنيميا منجلية ولا يستطيعون مراجعة المستشفى بسبب عدم إضافتهم في دفتر العائلة. كيف يمكن مساعدة أسرة في مثل هذه الظروف تتكالب عليها الأثافي الثلاث، الجوع والمرض والجهل، بدون عصا سحرية ترتق بعض الشقوق.

يد واحدة لا تصفق ولا تصنع المعجزات، والجمعيات والمكاتب الخاصة مهما اجتهدت محدودة القدرات إن لم تفتح لها قناة ساخنة سريعة العمل تحتسب لصالح العمل الخيري بدون تحويل مطالبهم إلى ألغاز غير مفهومة. كما أن المساعدات لا تقتصر على ضبط سوء الحال بتقديم الغذاء والدواء.

ان توعية الناس بمسؤولياتهم تجاه الحياة والعائلة لن تجعل معوزا يتزوج بزوجتين، كما يحتاج الأمر إشراك القضاة ومأذوني الانكحة بتحمل جزء من المسؤولية، لا تهمل شأن حارس مدرسة لا يملك سوى غرفة مدرسة، هوايته جمع النساء ثم قذف أبنائه للعوز والجريمة.

والوقاية خير من ألف علاج.

[email protected]