إلا هذه القبلة!

TT

لم أكن أعرف إلا اليوم أن الخطاب الذي أملاه الرئيس السادات متمنيا فيه للرئيس كارتر أن يفوز بجائزة نوبل للسلام سوف يظهر في كتاب عنوانه «كتاب التنبؤات»، من تأليف الأديب الأميركي رفنج والاس وابنه وابنته.

يقول الخطاب الذي كتبته بيدي: إنني أؤمن بمنتهى الصدق أن الرئيس جيمي كارتر مؤهل اكثر من أي إنسان ليفوز بجائزة نوبل، فلا أحد يجاريه في كفاحه المعروف من أجل نشر السلام والتفاهم بين الشعوب، فلم يحدث أن استطاع أي زعيم أن يفعل ما فعله وينجز ما أنجزه كارتر من أجل قضية السلام، فدوره من أجل تحقيق السلام والعدل في الشرق الأوسط كان ضروريا تماما، قد نذر نفسه لهذا الهدف النبيل، حتى يجد حلا للقضية الفلسطينية، وخلال تعاملي معه، وجدته رجلا بعيد النظر متمسكا بالقيم الأخلاقية، فإيمانه بالله وطبيعة الإنسان لا تتزعزع وكذلك شعوره بالتعاطف مع الناس وحرصه على تخفيف عذاباتهم وإنقاذهم من القهر الذي يتعرضون له في أركان الأرض.. وباختصار فإنني أرى أن منحه جائزة نوبل للسلام سوف يكون عدلا لقضية السلام العالمي والصداقة. وفاز السادات بجائزة السلام قبل أن يفوز بها كارتر بعد ذلك بسنوات، ووجدت الكتاب قد وضع هذه الرسالة ضمن نبوءات الحكام بعضهم لبعض. وأذكر أن السادات لم يسعد كثيرا عندما منحته مؤسسة نوبل جائزة السلام مناصفة مع مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل، وكان يرى أن يفوز بها وحده، أو يفوز كل منهما بجائزة (في ما بعد فاز عرفات ورابين وبيريس بجائزة نوبل جميعا). وقرر الرئيس السادات ألا يذهب لكي يتسلم الجائزة في أوسلو عاصمة النرويج، وأناب عنه المهندس سيد مرعي، ثم طلب مني ومن د. أحمد ماهر أن نكتب معا الخطاب الذي سوف يلقيه المهندس سيد مرعي.

وذهبت إلى أوسلو لأشهد احتفالا بسيطا، الحاضرون عددهم قليل وظهر السيد بيجين والمهندس مرعي وكانت اللحظة التي كان ينتظرها السادات لينفجر بالضحك في القاهرة وليعاود الضحك مرة أخرى عندما اتصلت به من أوسلو، فقد قال السادات لسيد مرعي: وإيه اللي حتعمله يا سيد إذا هجم عليك بيجين وهات يا بوس.

ـ يا ريس لا يمكن. لن أمكنه من ذلك.

ـ هاها.. أرني كيف تفلت من أحضان بيجين. هاها.. واقترب بيجين متهجما على سيد مرعي لكي يقبله لتكون صورتهما في الصفحات الأولى لكل ورقة مطبوعة على كوكب الأرض، ولم يكد بيجين يقترب منه حتى مد سيد مرعي ذراعه على آخره، مما باعد بينهما ولم تكن هناك قبلة!

تماما كما فعل الرئيس الأميركي كلينتون في لقاء مع الرئيس عرفات. سأل: افتوني في أمري ماذا أفعل؟ فكانت فكرة سفير أميركا في مصر الذي هو الآن في إسرائيل: أن يمد الرئيس كلينتون ذراعه أمامه وأن يتصلب على هذا الوضع، فإذا هجم عليه عرفات وجد هذه المقاومة لأقبح قبلة في التاريخ!

وفي التلفزيون من أوسلو سألت الرئيس السادات: ما رأيك يا ريس!

ـ والله سيد مرعي عرف يعملها كويس هاها.