لعلنا نرى الوجود جميلا!

TT

في الشهر الماضي نشرت «الشرق الأوسط» خبرا جاءها من أميركا عن فوائد السمك.. ثم جعلت عنوان الخبر: كل سمكا تر الوجود جميلا.. او سعيدا..

أظن أنني أستطيع ان أفتي في هذه القضية. فأنا نباتي لم اذق اللحم ولا اذوق الا السمك بكل ألوانه وأشكاله مسلوقا ومشويا وفي الزيت وفي الدمعة ومدخنا.. ويقول الخبر ان العلماء قد اجروا تجاربهم على عدد من الفئران.. ولاحظوا ان الفئران كانت سعيدة ومفرفشة.. وما دامت الفئران قد ضحكت، فلماذا لا يفعل الإنسان مثلها.. وكلما ضاقت به الدنيا أكل سمكا.. ولكن العلماء لم يقولوا لنا أي انواع السمك التي نواجه بها المشكلة الفلسطينية.. وتزايد السكان والخلافات الزوجية.. والبطالة وازمة دارفور والصحراء المغربية.. والمذابح المذهبية والعنصرية والعرقية والوطنية والارهابية في العراق.

فعندنا اسماك في البحر الابيض والأحمر واسماك النيل وبحيرة السد العالي وبحيرات المنزلة والبردويل.. وربما كانت هذه البحيرات ملوثة الماء، فلم تعد اسماكها صالحة للاستخدام الآدمي.

واذكر ان الرئيس السادات قد طلب مني ان ازور بحيرة البروديل ايام الاحتلال الإسرائيلي لأرى كيف يصيدون أسماكنا ويبيعونها في أوروبا ويكتبون عليها انها صنعت في اسرائيل.. وعدت ومعي عدد من هذه الأسماك والمعلبات السمكية.. فهل كان المصريون والفلسطينيون العاملون في صيد الأسماك سعداء باحتلال اسرائيل او بقرب جلائهم عن ارضنا.. او هل هو السمك؟ لم اتحقق من هذه الظاهرة.

وقد امتنعت عن اكل السمك شهورا طويلة بل كنت انفر من شكله ورائحته واسمه.. والسبب انني كنت في جزيرة تايوان. وقد دعيت الى الغداء في مطعم بديع، نظيف انيق.. وكانت الموائد من الزجاج.. وكان الطاهي يطبخ لك الاسماك واللحوم امامك.. فرحة.. متعة لولا انني طلبت من الطاهي كلما فعل شيئا ان يقول لي ما اسم هذه الاشياء الصغيرة التي يضعها مع السمك.. فقال: هذه ديدان البحر.. وهذه صراصير.. وهذا دهن خنزير، وجاء السمك.. وكان يقوم بتفتيت كل ذلك ببراعة شديدة ثم يخلطها جميعا بأنواع من البهارات. وهذه البهارات قادرة على اعطاء كل شيء طعما لذيذا.. انها البهارات القادرة على اخفاء معالم الديدان والصراصير!

وطبيعي جدا ان امتنع عن اكل السمك.. حتى لم اعد اجد مادة بروتينية آكلها اللهم الا الفول المدمس والفول النابت!

ونحن ـ وكل النباتيين ـ في انتظار ان يجري الأميركان تجاربهم على البشر املا في ان نرى الوجود جميلا وسعيدا!