تسري أخبار سارة منذ ايام بقرب حدوث تطور حقيقي واعادة هيكلة جادة في انظمة وزارة التعليم العالي. وسوف تطال التعديلات المرتقبة الهيكل التنظيمي وتشمل زيادة رواتب الاساتذة وإنشاء كادر وظيفي مستحدث لأعضاء هيئة التدريس، وسوف تتمتع الجامعات السعودية بموجب هذه الاصلاحات بالاستقلالية الكاملة عن وزارة التعليم العالي، وستحول الصلاحيات المالية والادارية بالكامل الى مجلس كل جامعة، اضافة الى صلاحيات التعيين واعتماد ترشيح رؤساء الاقسام وعمداء الكليات الذين سيتم اختيارهم عن طريق الانتخاب.
وهذا النوع من القرارات هو الذي يسمى بالقرارات التطويرية، وليس خافيا على أحد الوضع المتردي لبعض الجامعات السعودية مقارنة بغيرها في العالم، وانخفاض الروح المعنوية لدى فريق عريض من الطلبة والكوادر التعليمية والادارية لظروف مختلفة، كان نتاج ذلك عدم ورود اسم أي جامعة سعودية في تصنيف أهم ألف جامعة في العالم والذي صدر أخيرا.
والقرارات هذه إذا صدرت فانها سوف تكون في الطريق الصحيح لإصلاح مسيرة التعليم عموما والتعليم العالي منه تحديدا والمصاب بعطب واضح. ولكن تبقى بطبيعة الحال بعض الامور الاخرى التي هي بحاجة للتطبيق والمعالجة السريعة.
هناك حساسية مفرطة ومبالغ فيها تجاه السماح بفتح المجال لجامعات غير سعودية بالعمل. واذا كانت الحكمة تقول: اطلب العلم ولو في الصين، فلماذا لا نأتي بالصين الينا؟.
السماح بفتح جامعات أميركية وبريطانية وفرنسية والمانية وغيرها داخل البلاد وبحرية سيمنح شريحة أكبر من المواطنين والمواطنات امكانية الاستفادة من فرص استثنائية للعلم والمعرفة بتكلفة اجتماعية اقل لا تشمل الاغتراب وكلفته الزائدة.
واذا تم السماح ببنوك ومستشفيات غير سعودية، (أو بالمشاركة مع سعودية) بالعمل، فمن باب أولى أن يكون ذلك الأمر مسموحا في مجال التعليم العالي ايضا. هناك حذر مبالغ فيه جدا من السماح بالمحاضرين في الجامعات السعودية، فاستاذ أي مادة يحتاج للعديد من الأذون والتصاريح حتى يتمكن من دعوة رجل أعمال، كاتب، أستاذ، طبيب، لمحاضرة فصله، ومن كثرة طول الروتين والتعقيدات المصاحبة لإذن كهذا يصاب الاستاذ صاحب الفكرة بالضجر فيصرف النظر عنها، ويخسر الطلبة بالتالي فرصة تعلم مختلفة.
تطور التعليم العالي جانب اساسي من المحطة التنموية لأي بلاد، ولكن لكي تكتمل يجب أن تصاحب ذلك جرعة مضاعفة من الثقة وروح الإقدام حتى تكتمل الصورة الجميلة المنتظرة.