المليشيات العراقية.. والأمن

TT

لن نكون أكثر حرصاً على العراق من أشخاص مثل جلال طالباني وعبد العزيز الحكيم اللذين طالبا بدور أوسع للمليشيات العراقية، وخاصة «البيشمركة» الكردية و«منظمة بدر» الشيعية في استتباب الأمن بالعراق. لكننا نعلم أن ادارة الدول المتحضرة وخلق مجتمعات عصرية وعادلة يتطلبان أول ما يتطلبان إلغاء كل المليشيات وكل المظاهر المسلحة غير الرسمية وإلحاقها بقوات الأمن الوطنية.

إذا سُمح لأي جماعة مسلحة من خارج الدولة بأن تحمل السلاح وتنزل الى الشارع، فهذا يعني السماح بالفوضى، فما الذي يمنع جماعة مدنية مسلحة أخرى من أن تنزل الى الشارع ما دامت مهمة الأمن الوطني انتُزعت من الدولة وسُلمت الى المليشيات الحزبية؟ وإذا كانت «البيشمركة» مُشكّلة من أكراد، و«منظمة بدر» من شيعة، فما الذي يمنع أي طائفة أو جماعة أخرى من حمل السلاح تحت حجج كثيرة مثل الدفاع عن النفس. وأية مليشيات مُشكّلة من طائفة أو قومية واحدة ستكون مصدر شك وريبة من الجميع مهما حسنت النيات.

بعيداً عن الإشادة بدور «البيشمركة» و«قوات بدر» في مقارعة النظام السابق، فالمنطق يؤكد حل هذه المليشيات فوراً وبشكل طوعي. ونستطيع القول بدون تردد إن إشراك هذه المليشيات في الحياة السياسية وضبط الأمن سيؤدي الى نتائج خطيرة والى تأليب الشارع بدلاً من ضبط الأمن.

العراق بحاجة الى إعادة بناء قُوى الأمن والقوات المسلحة التي تستطيع التعامل مع الإرهاب، وهذه إحدى أولويات الحكومة الحالية، وكذلك حكومة أياد علاوي السابقة، وهناك نجاحات بلا شك في هذا المجال. والإرهاب الدولي المتحالف مع بقايا النظام السابق يستهدف قوى الأمن بشكل يومي في محاولة لتخويف الناس من الانخراط في الأجهزة الأمنية. وأكبر خدمة يقدمها الأكراد و«المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» حل المليشيات وإلحاقها بالأمن النظامي من أجل تقوية هذه القوات، ومن أجل مبادئ الدولة الديمقراطية، حيث لا مليشيات لأحزابها ولا أسلحة بيد مدنيين. المهم الابتعاد عن إنزال المليشيات الحزبية الى الشارع، فهذه مغامرة غير محسوبة النتائج. والمهم أن ما اعلنته «منظمة بدر» في نهاية مؤتمرها عن رغبتها في الانخراط في صفوف الجيش العراقي تتحول الى حقيقة، وأن تلحق «البيشمركة» وغيرها من المليشيات أيضا.