لا مبالاة مفتعلة في الخليج

TT

عندما جال حسن روحاني، مسؤول الملف النووي في ايران، دول الخليج واليمن لم نسمع سوى احاديث التفهم وعدم الانزعاج من قبل الخليجيين حيال المشروع النووي الذي أقلق العالم. ولا نعلم ما الذي قالوه لروحاني خلف الابواب المغلقة، ربما أيضا نفس احاديث المجاملة على فناجين القهوة وربما اسمعوه صراحة كاملة تحذر من ان المشروع النووي يهددهم اولا وكل الدول التي تقع في دائرة الجوار الايراني.

هذه الدول اكثر قلقا من الغربيين وهي تسمع عن بناء مفاعلات نووية، وصفقات تجهيزاتها مع روسيا، والتنافس مع الهند وباكستان في محاولة اللحاق بها لنصب اول صاروخ نووي في شرق الخليج او غرب آسيا. ولا تفيد تأكيدات طهران على نواياها الحسنة طالما ان المفاعلات تبنى والتخصيب سيستأنف، فإيران ليست بالدولة المسالمة ولا تزال تحتضن «القاعدة» منذ هروبها من افغانستان، وماكينتها الدعائية تبث نفس الرسائل السياسية التحريضية، وفوق هذا كله لا أحد يرى حاجة ايران النفطية الى مفاعلات نووية لانتاج الطاقة. طهران بذلت، حتى الآن، مبالغ طائلة على مشروعها النووي الذي كان يمكن تحويل أمواله لتنمية البلاد، التي تعاني من اقتصاد ضعيف.

نعم بدلت طهران اقوالها السابقة لكن الخطر بقي كما هو. كانت تتحدث من قبل عن حقها في انتاج السلاح النووي بدعوى موازنة الترسانة النووية الاسرائيلية والآن اصبحت تؤكد ان استخداماتها النووية مدنية، وهو امر يصعب تصديقه بلا نظام رقابي دولي مستمر. فايران لا تزال تحتل اراضي عربية أيضا في الخليج، وآخرها احتلالها الى تاريخ قريب ما تبقى من جزيرة ابو موسى في مطلع التسعينات، عندما كان العالم منشغلا بتحرير الكويت من احتلال صدام. وهذا لا يعني ان احدا في المنطقة سعيد بترسانة الدمار الهائلة في اسرائيل انما الحل ليس بتسليح ايران أيضا.

الرسالة يفترض ان تكون واضحة لطهران، ان المنطقة تريد ان ترى ايران آمنة في وجه التهديدات الاميركية لكنها ايضا لا تريد ان ترى اراضيها محروقة، او تعيش مهددة في ظل الصواريخ النووية المنصوبة غدا. دول الخليج تستطيع ان تلعب دورا مهدئا لصالح ايران مع واشنطن من خلال اتفاقات مثل اخلاء منطقة الخليج من الاسلحة النووية كخطوة اولى نحو جعل كل منطقة الشرق الاوسط بلا سلاح نووي، بما في ذلك نزع اسلحة اسرائيل هي الأخرى. وسبق لولي العهد السعودي ان ساعد ايران على فك عزلتها العربية والاسلامية عندما رمم علاقتها مع السعودية في خطوات ايجابية بدأت عقب مؤتمر القمة الاسلامية في باكستان. حدث ذلك في آخر ايام رافسنجاني قبيل تسليمه الرئاسة الى محمد خاتمي وها هو التاريخ يعيد نفسه، ايران في الزاوية، بعد اتفاق الاوروبيين والاميركيين، ورافسنجاني يعود الى سدة السلطة، ولا بديل عن التعاون الاقليمي الذي يطمئن اولا الجيران قبل الاميركان.

[email protected]